-1-

في الطريق الى العراق وصل الامام الحسين (ع) الى منطقة تسمى (القطقطانه) ، وقد نظر الى فسطاطٍ مضروبٍ فقال :

لِمَنْ هذا الفسطاط ؟

فقيل :

لعبيد الله بن الحُرّ الجعفي،

فأرسل اليه الحسين مَنْ يدعوه الى المجيء ، فامتنع ،

وقد دَلّ امتناعُه عن الاستجابة لدعوة الامام الحسين (ع) على ضَعْفٍ في الدين والأدب والأخلاق ، والاّ فكيف يَسوغُ له أنْ يُقابل الدعوة بالاهمال ؟

-2-

ومع ذلك كله فقد قرر الامام الحسين (ع) الذهاب اليه بنفسه ، ذلك إنَّ الامام الحسين (ع) كان يأمل أنْ يكون ( للجعفي ) دورٌ متميز يوم عاشوراء ، والقائد المحنك يبحث عن المقاتلين الأشداء ولا يتوانى عن اجتذابهم .

وبالفعل :

توّجه الامام الحسين (ع) الى لقائِه وقال له :

أيها الرجل :

إنّكَ مُذِنبٌ خاطئ ،

وان الله عز وجل آخذك بما أنتَ صانع ، إنْ لم تَتُبْ الى الله تبارك وتعالى في ساعتك هذه فتنصرني ويكون جدي شفيعك بين يدي الله تعالى .

قال الجعفي :

( إنّ نفسي لا تسمح بالموت )

واللهِ لو نصرتُكَ لكنتُ أولَ مقتولٍ بين يديك ،

ولكنْ هذا فرسي خُذْهُ اليك فو الله ما ركبته قط وأنا اروم شيئا ألاّ بَلَغْتُه ،

ولا أرادني احدٌ الاّ نجوتُ عليه ، فدونك فَخُذْهُ

فأعرض عنه الامام الحسين (ع) ثم قال :

لا حاجة لنا فيك ، ولا في فرسك ، وما كنتُ متخذَ المُضِلين عَضْدا ، ولكن فرّ ، فلا لنا ولا علينا ، أنّهُ مَنْ سمع واعِيتنا أهلَ البيت ثم لم يجبْنا أكبه الله على وجهه في نار جهنم

راجع الطبري /ج4 / ص307

-3 –

انّ حب عبيد الله للدنيا وللبقاء مَنَعَهُ من الاستجابة لنداء الامام الحسين (ع)، فلم يكن مستعداً للسخاء بنفسه في سبيل الله ، وغاية ما كان مستعداً له هو تقديم الفرس ولكن الحسين (ع) كان يريد الفارس ولم يكن يريد الفرس، ولقد وفرّ الحسين (ع) له الفرصة لدخول التاريخ من أوسع ابوابه والخلود في جنات النعيم ولكنه ظلم نفسه ونكص عن امتشاق السيف على أعداء الله والإنسانية فباء بالخسران المبين .

-4-

وأمثال الجعفي بيننا كثيرون حيث يتوهم المتوهمون بأنّ أنفاق المال في عزاء الحسين (ع) يكفي لبراءة الذمة ، في حين انّ الحسيني الصادق انّما هو مشروع شهادة في سبيل الله ولن يتخلفُ عن بذل مهجته ودمه لاحقاق الحق وهزيمة الباطل، ومعركة الحسين (ع) مع أعداء الله والإنسانية تتجدد فصولها في كل عصر ومصر ، وهكذا تفرز الايام قوافل جديدة من أنصار الحسين (ع) الحقيقيين .

نسأله تعالى أنْ يجعلنا وايّاكم منهم وأنْ يرزقنا شفاعَة الحسين (ع) يوم الورود .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *