تعني الأصالة فيما تعنيه أن تحتوي النفس على قيم جميلة ومُثُلٍ عليا ومواقف راسخة لا تتغير؛ لها سلوكها المنسجم مع الفطرة ومع جوهر الروح؛ أما الحداثة فهي المستجدات التي تسللت إلى مجتمعاتنا لتفعل فعلها في النفس والمجتمع معا.. إنها التغييرات التي اقتحمت حياتنا منذ عقود خلت تحمل النافع والضار؛ الخير والشر؛ الحسن والسيء، فإن كانت لنا نظرة صائبة وعقل راجح بسطنا أيادينا إلى ما فيه النفع والخير والحسن؛ أما إذا احتوتنا الغفلة ولم نعرف معالم الطريق ركضنا مسرعين إلى ما فيه الضر والشر والسيء؛ تجذبنا الألوان والأضواء لتسلب منا إرادتنا وقوانا ثم لنستسلم من غير مقاومة. هو ذا المشهد الذي تغلغل اليوم في صميم حياتنا.. مشهد فيه صراع بين الماضي والحاضر؛ بين القديم والجديد، بين القلب والعقل. ترى أي اختيار سيكون لنا في هذه المعادلة الصعبة المعقدة!
إننا لو تمعنا في مجريات الأمور لقلنا ما الضير أن نتمسك بالأصالة بكل مقوماتها الحسنة ونأخذ من الحداثة ما ينسجم مع موروثنا وسلوكنا ومعتقداتنا من غير تعصب أو انحراف أو تشويه. وفي آخر المطاف نقول ما أروعك أيها الإنسان وأنت تحمل راية الأصالة من غير أن تهزك المستجدات الهزيلة السقيمة.. وما أتعسك أيها الإنسان وانت تطارد أصالتك بقدميك؛ راكضا وراء كل بريق وكل شعار؛ متناسيا نبضات الروح والحقيقة.