باتت الكتابة، عن التسول والمتسولين، تثير القرف والاشمئزاز، لتكرارها، فقد كثرت المناشدات حول هذه الظاهرة المعيبة، ومعها كثرت التبريرات الحكومية غير المجديــة!
فالذي يتجول في شوارع بغداد وازقتها، وايضا في المحافظات يلفت انتباهه اتساع ظاهرة التسول، حتى اصبح الأمر «سمة عراقية» بامتياز.. ربما يقول البعض ان لهذه الظاهرة اسبابها ومسبباتها نتيجة الوضع الاقتصادي، وتفاقم البطالة، لكن الموضوع اخذ بالاستشراء لحد مخيف، ولم تقتصر الظاهرة المؤسفة على لون انساني معين، كالعجزة وكبار السن، بل تعداه الى شباب وشابات، امتلأت بهم ساحات الجامعات ومجمعات الاطباء ومقتربات الجسور والاسواق الشعبية..
الى متى يبقى الحال ؟ وماهي الحلول للقضاء على هذه الظاهرة ؟
المؤشرات التي امامنا تقول ان الموضوع برمته يبدو انه لا يقلق الدولة ولاسيما الجهات الاجتماعية ذات العلاقة، فالتوالد المستمر لأجيال المتسولين في ازدياد، والأساليب المبتكرة لدى (اساطين) التسول اتسعت صورها وتنوعت اساليبها لتشمل استعمال القوة والكلام الجارح في فرض (أتاوات)الحصول على المال من عباد الله.
ان التفكير بصوتٍ عالٍ لحل مشكلة التسول ضروري جدا، ويثري النقاش حولها في اروقة رجال المجتمع، ويعمق الافكار لدراسة شيوعها، ويفتح الشهية لدراسة بروزها، ويعمق الفكرة في التنبيه لخطورتها ، ويزيد في حجم ودرجة التفاعل في فهم اتساعها بين دوائر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني واجهزة الامن الداخلي، ويجذب إليه قطاعاتٍ راغبة في دراسة مديات خطورة الظاهرة على طبقات مجتمعية بدأت تدخل ميدان التسول، باعتباره مهنة تدر المال دون جهد رغم ازدراء المجتمع لشخصياتها.
شخصيا، حين اشاهد امرأة تتسول بنداءات حزينة، وهي تضع على حجرها طفلاً رضيعاً، دست في حليبه مادة منومة، حتى يبدو نائما، او معتلاً، لا ألبث أن أعود إلى حزني، حتى ان كنت في كامل سعادتي، كأن أيامي ترفض لي الابتسام، فأظل حزينا طوال يومي، أصارع حزن دفين على ابناء وطن غني في كل شيء، إلا الرفاه والاطمئنان !
اقول لمن بيدهم امر البلد، ان النفوس القوية، لا تعرف اليأس، والبكاء على الظواهر المؤلمة ليس حلاً، علينا الشروع بحملة وطنية لوقف فيضان التسول بسرعة، فقد دخل حتى البيوت الكريمة!