بين حين وآخر ينتشر فيديو بصورة ملفتة يُظهر شخصاً مُرتدياً لعمامة في مواقف يُقصد منها الإساءة للعمامة الشيعية وهدر كرامة مرتديها .
فتارة يخرج علينا أحدهم وهو يصَوّر مع متبرجات ،
وأخرى يُلقي ” نُكتاً ” ،
وثالثة يعلن إعجابه بأمير خليجي مشبوه ، ويتمنى زيارة أمارته ، ويُلبى له مثل هذا الطلب التافه !
ورابعة يظهر آخر ومعه إمرأة يدّعي أنّها زوجته ويشتري لها ذهباً بثمن غالٍ .
وخامسة يظهر ثالث وهو يتلفظ بإلفاظ خادشة للحياء يترفع عنها حتى أبناء الشوارع .
وأُسجل هنا عدة ملاحظات :
الأولى : لماذا كل هذه الفيديوات التي تستهدف العمامة الشيعية بالذات ؟!
قد تقول : لأنَّ هذه العمامة هي مَن تتصرف بهذا الترف لأنّها تستلم حقوقاً شرعية !
والجواب :
أولاً : إنْ كان هذا مُبَرِراً لإظهار حالة الترف ،
فما هو مبرر إظهار النزق والسلوكيات الشائنة من ” نكت ” وألفاظ تخدش الحياء ووو ؟!
وثانياً : أنّّ غالب المؤمنين في العراق يقلدون سماحة السيد السيستاني ( دام ظله ) وهو قد أجاز إعطاء الحقوق لمستحقيها من الفقراء مباشرة دون واسطة ، او تسليمها لمعتمديه إنْ رغب صاحب الحق بذلك ،
وهؤلاء الذين يظهرون في الفيديوات ليسوا من معتمديه ، بل ليسوا من معتمدي أي مرجع من المراجع ، بل هم ليسوا من طلبة النجف المشار اليهم بالبنان ، بل أشك أنّهم درسوا يوماً في أروقتها العلمية .
فالنجف الأشرف بريئة من هكذا مستويات ضحلة ،
ومثل هؤلاء أشك بمرورهم ولو مروراً بدرابين المدينة القديمة المقدسة التي تفوح علماً وأدباً ،
ومثلهم ليسوا بضاعة نجفية جزماً ،
بل هم إمّا بضاعة مقاهي بطّالين !
او صناعة مختبرات مخابراتية مشبوهة هجينة !
ومَن يعرف النجف وجاس خلال ديارها يدرك جيداً ما أعنيه .
فالحوزة التي صنعت عمائم مثل عمامة السادة الحكيم والخوئي والخميني والصدرين والسيستاني وفضل الله والحائري والهاشمي والخامنئي ( رحم الله الأموات وحفظ الباقين منهم ) لهي أسمى من أنْ تنتسب لها مثل عمائم الفيديوات المشبوهة .
الثانية : لو فُرض أّنَّ مثل هذه الفيديوات ليست مقصودة ولا موَجهة ، وأنَّ هؤلاء أشخاص واقعيون ، وهذه هي سلوكياتهم ، ويصورون لغرض الإنتشار لمزيد من المغانم .
فلماذا كل هذا التشنيع على الحوزة ورجالها ؟!
ألا يمكن أنْ يكون هؤلاء قد استغلوا هذا الزي لتحقيق أغراضهم ؟!
لاسيما وأنَّ لا أحد منهم معروف لمجالس الدرس والعلم في النجف الأشرف .
فما هم إلّا بُغاة دنيا ، قد لبسوا هذا الزي كوسيلة لمبتغاهم .
مثلهم مثل مَن إنتحل صفة ضابط في الداخلية او طبيب او حتى شيخ عشيرة للنصب بها على آخرين .
وكما عبّر السيد الخميني ( رحمه الله ) عن بعض هؤلاء :
” أنّه لايوجد روحاني حرامي ، انّما البعض هو حرامي لبس عمامة ” .
الثالثة : قد يقول قائل : لماذا اذن لاتتبرأ الحوزة من أمثال هؤلاء وتنزع عنهم العمامة !؟
وجوابه :
إنَّ الحوزة إنْ كانت لها يد ، فيدها على أبنائها والمنضوين تحت لوائها ، ولا يد لها خارج أطرها ، وهؤلاء ليسوا من أبنائها كما أوضحت ، ولن يلتزموا بأوامرها .
بل إنَّ الحوزة لو فعلت ذلك
فإنّها ستعطيهم قيمة
وستتلقفهم شياطين الإنس والجن ،
وسيتحولون الى مظلومين ،
وستكون الحوزة بنطر كثيرين مؤسسة ” تكمم الأفواه ” !
وتمنع الحريات وووو .
وقد صدق ذلك الحكيم الذي قال :
” إنَّ بعض الباطل يموت بتركه ” ،
فهؤلاء مجرد فقاعات ستزول .
( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ ) .
الرابعة : ثم لماذا لا يواجه المجتمع بنفسه مثل هذه الظواهر الشاذة ،
بردعها مباشرة ، وبإستصغارها وعدم تشجيعها ، او حتى بإهمالها ،
وهذا أضعف الإيمان .
لماذا نحن سلبيون ، نبرر لأنفسنا كل تقاعس ،
ونرمي اللوم في كل أمر على الآخرين ؟!!
أحبتي ..
ليست القصة في تصوير معمم بهذا السلوك مجرد نقل وقائع بهدف برئ .
القصة أنَّ العدو عرف جيداً مكامن القوة عندنا .
أدركَ جيداً أنَّ من أهم مرتكزات القوة عندنا هي المرجعية الشريفة ومن خلفها الحوزة المباركة .
أعني بالعدو صريحاً ، اميركا واسرائيل وأذنابهما من بعض دول الخليج ، وعلى رأسها السعودية ، سعودية التكفير والجلف والإرهاب ، وأتباعهم عندنا من أيتام البعث .
تماماً كما أدرك هذا العدو أنَّ الحشد الشعبي ، وهكذا الجمهورية الإسلامية مرتكزان آخران لقوتنا ، فسعى بكل قواه الإعلامية والمخابراتية ليخلق حاجزاً بين هذا الشعب ومكامن قوته ،
مستغلاً طيبة وبساطة بعض شبابنا ،
ومشبوهية آخرين !
لست ممن يميل الى نظرية المؤامرة ،
بل أدرك جيداً مكامن النقص عندنا ،
وتفسير كل أمر بأنّ مؤامرة تقف خلفه ليس من الصواب بشئ ، ولكن إنكار وجود مؤامرة بالمرة هو الآخر يجانب الحقيقة كثيراً .
أحبتي ..
لننتبه ، إنَّ أعداءنا يسعون بكل ما أوتوا من قوة لإسقاط كل رمز دلالي ترجع اليه الأمة في نوازل الدهر ومفترقات الطرق .
فهلا نتتبه قبل فوات الأوان ..
و ” لات حين مندم ” .