استوقفني اسم «آيا صوفيا» لأول مرة عندما سمعت عن مدرسة تحمل هذا الاسم، وهو الاسم الذي أثار في ذهني صورة المسجد التاريخي في إسطنبول، الذي شهد فترات هامة، حيث دفعني هذا الاسم الفريد إلى إجراء تدقيق وتمحيص دقيق قبل أن أتخذ القرار بتسجيل ابنتي (ود) في هذه المدرسة التي نالت شهرة واسعة بعدما اتضح لي أن هذا الخيار هو الأنسب والأكثر صوابًا من بين العديد من الخيارات التي قمت بدراستها بعناية.
والحق أقول إن ما دفعني للكتابة عن هذه المدرسة المعطاء، هو الإعجاب الكبير الذي شعرت به نتيجة التقدم الملحوظ الذي أظهرته ابنتي في مسيرتها التعليمية، فبرغم انشغالي المستمر في العمل الصحفي (مهنة المتاعب)، كنت دائمًا أترك متابعة شؤون (ود) المدرسية لزوجتي، التي تتولى تفاصيل دراستها، وتزودني بتقارير يومية رأيتها بنظري مشجعة حول استجابتها للمعلومات، هذا ما جعلني أدرك أن هذه التجربة تستحق أن تروى، وأن هذه المدرسة ليست مجرد مكان للتعلم، بل هي بيئة تربوية فريدة تعكس رؤية تعليمية جديدة وملهمة، تستحق أن تبرز وأن يتم تسليط الضوء عليها.
أما عن سبب شهرة هذه المدرسة، فاعتقد هو سر لا يعرفه الا القليل، بعدما أصبحت واحدة من أبرز الصروح التربوية التي حجزت لنفسها مكانًا مرموقًا وسط المدارس المتقدمة التي تكاد تُعد على أصابع اليد، هو التفرد والابتكار الذي تقدمه لتلاميذها من خلال جلسات المراجعة الاستثنائية التي تُعقد بعد الساعة الثانية عشرة ظهرًا، لمنح التلاميذ فرصة لتعميق فهمهم للمناهج وتطبيق ما تعلموه بطريقة أكثر فعالية.
وأرى في هذا النظام فائدة يخفف العبء على الأهالي، ويسهم في تبسيط عملية المراجعة على ابنائهم، فبفضل النظام اليومي الذي يتبعونه، يصبح من السهل على التلميذ استيعاب الدروس.. علاوة على ذلك، تتبع إدارة المدرسة آلية مبتكرة ومريحة، حيث يتم إرسال الحقيبة الدراسية مع الأطفال كل خميس، على أن يقوم الأهالي بإعادتها يوم الأحد؛ وهذه العملية تشبه إلى حد كبير شراكة بين المدرسة والأهالي، لمتابعة دروس أبنائهم خلال الأسبوع.
وحقيقة ما يجعل هذه التجربة أكثر تميزًا، وكما يقال إن «الوحدة بأمرها»، هو التفاني والانضباط الكبيرين الذي تبديه إدارة مدارس (آيا صوفيا) ومؤسسها الأستاذ (نصر فخر الزبيدي) الذي استطاع بحكمته ورؤيته المستقبلية أن يؤسس بيئة تعليمية متطورة تسعى دائمًا للنهوض بمستوى التعليم وتوفير مساحة آمنة للأطفال لتنمية مهاراتهم الفكرية، ولا يمكن إغفال الدور الهام الذي تؤديه المربية الفاضلة مديرة المدرسة (ست هناء سالم) والمعلمة (رسل إسماعيل)، التي يناديها الأطفال (مس رسل) وبقية المعلمات اللاتي يقدمن رعاية خاصة لكل تلميذ في المدرسة، إلى جانب جهدهن وحبهن لضمان رفاهية الأطفال.
وفي الختام، ما لاحظته والتجربة خير برهان… إن آيا صوفيا أثبتت تفردها ليس فقط كمؤسسة تعليمية أهلية، بل كمشروع تربوي رائد يقدّم نموذجًا متميزًا في تقديم التعليم القائم على الابتكار والاهتمام العميق بكل تلميذ، وانتهز هذه الفرصة لادعو معالي وزير التربية لتكريم كل من أسهم في هذا المشروع التعليمي الناجح، بدءًا من مؤسسها، وصولاً إلى جميع الطواقم التعليمية والإدارية الذين يقدمون جهودًا استثنائية. وأتمنى أن تكون هذه المدرسة مثالًا يُحتذى به من قبل المدارس الأخرى في العراق، لإحداث نقلة نوعية في مجال التعليم وتوفير مستقبلًا أكثر إشراقًا لأبنائنا.