تشير المعلومات الواردة إلى أن العراق يقف على أعتاب مرحلة تغيير جذري قد يعيد تشكيل النظام السياسي بالكامل. الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الأطراف المعنية في الداخل والخارج يحمل في طياته تفاصيل خطيرة وتحذيرات واضحة يجب التوقف عندها. في يوم 4 نوفمبر 2024، قام الدكتور محمد الحسان، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، بزيارة مفاجئة إلى السيد علي السيستاني في النجف، حيث جرى الترتيب لاجتماع موسع حول مستقبل العراق. لاحقًا، وفي 25 نوفمبر 2024، عُقد اجتماع في بغداد ضم ممثلين عن السفارة الأمريكية، والأمم المتحدة، والحكومة العراقية، ومرجعية السيستاني، والكورد، والسنة، وكان الهدف من هذا الاجتماع وضع الأسس لاتفاق يغير واقع العراق السياسي.
الاتفاق ينص على حل الميليشيات الموالية لإيران، بما في ذلك الحشد الشعبي والفصائل الأخرى، ورحيل قادتهم بهدوء من العراق. وإذا رفضت هذه الميليشيات الالتزام، سيتم التعامل معها بالقوة من خلال اعتقال قادتها أو اغتيالهم بواسطة الحكومة العراقية أو القوات الأمريكية. كما شمل الاتفاق مطالبة مقتدى الصدر باعتزال العمل السياسي والعسكري، وتفكيك كل قواه العسكرية، مقابل ضمان بقائه في العراق وعدم اعتقاله أو محاكمته. في حال رفض الصدر، سيكون الخيار الوحيد هو استخدام القوة ضده، مع احتمال تنفيذ عملية اغتيال لإسكاته.
أما المرجعية الشيعية، فقد تم الاتفاق على أن تعود إلى دورها الديني فقط، وتُبعد نفسها عن التدخل في الشؤون السياسية العراقية. في حال رفض المرجعية هذا الدور، وقررت التصدي للإرادة الدولية، فإن العراق قد يدخل في فوضى عارمة تهدد بزوال المرجعية نفسها. الغاية من هذه الترتيبات هي إنهاء النفوذ الإيراني في العراق تدريجيًا، ومنع تحول البلاد إلى ساحة فوضى مثلما حدث في سوريا ولبنان. لذلك، تم استبعاد الحل العسكري المباشر لضمان عدم وقوع حرب أهلية قد تمتد لسنوات.
ورغم هذه الترتيبات، فإن الاتفاق يحمل تحذيرات خطيرة. أولها، أن الميليشيات المسلحة إذا قررت رفض الحلول السياسية، فإن المواجهة العسكرية معها قد تُدخل العراق في موجة عنف جديدة، خاصة مع امتلاكها قدرات عسكرية كبيرة ونفوذ داخل مؤسسات الدولة. ثانيًا، التدخلات الدولية قد تُفاقم الأزمة بدلاً من حلها، حيث يمكن أن تزيد من الاستقطاب بين القوى الداخلية وتجعل الحل السياسي أكثر تعقيدًا. ثالثًا، هناك خطر كبير في حال رفض المرجعية الشيعية الالتزام بدورها الديني فقط، إذ قد يؤدي ذلك إلى انهيار الإجماع الوطني وزيادة الانقسامات الطائفية. رابعًا، مستقبل مقتدى الصدر يظل مجهولاً، وأي تصعيد ضده قد يؤدي إلى مواجهات مباشرة بين أنصاره والدولة، مما يهدد باندلاع نزاعات داخلية جديدة.
دور الشباب في الاتفاق
في هذا السياق، تشير التطورات إلى أن هناك اتفاقاً تم مع الشباب المعارضين للنظام والمشرفين على ثورة تشرين. وقد اشترط هؤلاء الشباب أن لا يتضمن الاتفاق أي شكل من أشكال الاحتلال الأجنبي، محذرين من أنهم سيقودون مظاهرات عارمة في جميع محافظات العراق إذا حدث عكس ذلك. الأمم المتحدة أكدت في هذا الصدد للشباب أن الاتفاق لا يتضمن أي نوايا للاحتلال، مشددة على أنها ليست في صراع مع الشعب العراقي، بل تسعى فقط لضمان مرحلة انتقالية تُبعد البلاد عن شبح الفوضى.
الاتفاق مع الشباب يُعتبر مؤشراً على إدراك الأطراف الدولية والمحلية لأهمية صوت الشعب وحراكه المستمر، وهو ما يعطي العراق فرصة لتعزيز الديمقراطية الحقيقية وإشراك القوى الشبابية في صياغة مستقبل البلاد.
رسالة للشعب العراقي
إلى أبناء العراق: هذا وطنكم، وهذه أرضكم التي سقت بدماء أجدادكم، فلا تدعوا الغريب يعبث بها أو يتحكم في مصيرها. العراق ينتظر منكم أن تقفوا صفاً واحداً لبنائه، فأنتم الأمل والمستقبل. احبوا العراق كما يحبكم، وقدموا له ما يستحق من التضحية والإخلاص. العراق يُحب، والعراق يستحق أن نحبه جميعاً، فهو وطن لا يُعوَّض.