تنهض الذات التي تتطابق مع الأنساق باعتبارها وصفة كاملة هدفها المعتقد الشعري وكيفية تحقيقه، ومن هنا يكون للشاعر الوعي الذاتي الشعري، لأنه سيحصل على الذات الحقيقية التي لها تجربتها الشعرية وكذلك دربتها في كيفية الولوج إلى النصّ وإدارته جماليا. وعندما تكون الذات في عالمها المنبثق منها تكون قد كسبت عالما قد أختارته ليتطابق مع توجهها الشعري، وعندما يكون العالم المحيط بالذات مناسبا ومتطابقا تماما، يكون قد كسبت عالما آخر لتنطلق منه، لذلك يكون للذات عالمان أو وجهان يستديران في الدربة الذاتية لكي تغوص في التجلي الكتابي.
بين امتاد التصورات العالقة في الذهنية والأشياء المتواجدة في الخارج، نسجت الشاعرة الفلسطينية ملاك الريماوي نصّها والذي حمل عنوان : صورة شمسية.. كأنها تُرجعنا في الذاكرة خلفا مع بيانات آنية أرادت من الصورة الشمسية أن تكون شاهدة من خلال منطقة الفلاش باك. ومن خلال هذا المنظور نلاحظ فعل المتخيل وحركته ليس فقط بين الجمل وتأسيسها وإنما بين الأفعال الحركية والتموضعية والتي شكلت حركة للدال والمدلول لتشكيل دلالات حركية تساعد النصّ على حركته وعدم سكونه بزاوية ما.
في الوادي العجيب
سكنتُ الملاذ
وأسّستُ شجرة تقاوم وجودي
نفس الوادي
شاهدتّ بين أضلاعه صورتي الضائعة
من قصيدة: صورة شمسية – -ص 10 –ملاك الريماوي – هشيم الأيام
كلّ تركيب لغوي في المنظور الشعري يعتمد الاختلاف، والاختلاف الذي نعنيه، هو اختلاف التراكيب الدالة، ومن هنا تظهر ليس فقط حركة فعل المتخيل، وإنما تظهر المتعلقات الذاتية وحركة المحسوس في النصّ المكتوب.
في الوادي العجيب + سكنتُ الملاذ + وأسّستُ شجرة تقاوم وجودي + نفس الوادي + شاهدتّ بين أضلاعه صورتي الضائعة
نلاحظ من خلال المقطعية التي رسمتها الشاعرة ملاك الريماوي أنها تعتمد التركيب اللغوي المختلف وهي الخاصية الشعرية التي تقودنا إلى تنشيط فعل الإثارة؛ كي يكون المقطع مستقلا تماما، وما علاقاته الخارجية إلا مع الأشياء المركبة، وأما علاقته الداخلية فهي مع النصوص الأخرى. فعندما يكون الوادي عجيبا، فالعجائبية الطبيعية تطرب باب الذهنية وما تعلق بها، لذلك فالمسكن الذي اختارته الشاعرة، مسكن الملاذ؛ فالتأمل الذي قادته، التأمل النفسي خارج اليأس، ونستطيع أن نقول هناك لغة سلوكية ظهرت من أعباء النفس، وخصوصا أن الشاعرة من سكان غزة المحتلة.
جزء من مقالة لكتاب قبعة اللامحدود