بين الاحتفال بمئوية القصة النجفية ، ومهرجان عالم الشعر الرابع ، خمسة اشهر فقط ، وهي مدة قصيرة بحساب الزمن ، لكن اتحاد الادباء والكتاب في النجف ، بعزم رئيسه محمود جاسم عثمان النعيمي واعضاء هيأته الادارية ، يرسم لنا بثقة خارطة مهمة ، وسابقة جديرة بالانتباه ، من خلال اقامته لهاتين الفعاليتين الكبيرتين ، مؤكدا ان النجاح والمثابرة حصيلتان لجهود ذاتية وموضوعية ، قام بها الاتحاد ، في مدينة هي توأم الثقافة وموطن الشعر .. فللقائمين عليه ، نزجي التهاني.
لقد اشرنا سابقا ، في تغطية صحفية الى احتفالية مئوية القصة النجفية التي تمت في تشرين الثاني المنصرم ، واليوم نتشرف بحضور مهرجان “عالم الشعر الرابع” الذي تم تحت قبة قاعة الجواهري في اتحاد ادباء وكتاب النجف ، على مدى ايام الخميس المنصرم ، وانتهى امس السبت ، بحيوية مطلقة، مؤطراً الواقع الحقيقي للشعر بأشكاله وموضوعاته..
المهرجان اتسم بالتنظيم الذي يليق بمدينة الشعر .. النجف الاشرف ، وشكل احتفالاً باذخا بالجمال والألق الشعري ، والتجاوب بين الشعراء وضيوف المهرجان ما شكل اضمامة من الألفة والانسجام الرائع.
وبهذا المهرجان الشعري ، يؤكد اتحاد ادباء النجف ، ان الأفكار العظيمة لن تكون عظيمة إذا ادخرناها. ولن يكون لها أثر وتأثير إذا لم يلمسها الناس ويشعروا بها ويتحدثوا حولها.. وما هذا المهرجان إلا دلالة على ان المبادر هو تلك الجهة التي تتميز عن غيرها بالهمة العالية، باحثة عن النجاح مهما كانت الصعاب، لا تكل ولا تمل من أجل تحقيقه.
ان الشعر هو ابن المهرجانات والساحات والمنابر وسوق عكاظ ، ويعتمد على الفعل وردّة الفعل بين الشاعر والمتلقي، وكانت ردة الفعل ايجابية على معظم ما استمعنا اليه ، إلا في البعض الذي جنح للمباشرة والذاتية ،أكثر من اهتمامه بالجوانب الفنية التي يحتاجها الشعر ، فمن المعروف ان رسالة الشِّعر رسالة سامية ، لما يحمله من مضامين هادفة، وقيم نبيلة، تدعو الى تأصل روح التكافل الاجتماعي بين أبناء الوطن، ومناهضة الظلم والعنصرية والتفرقة، والوقوف بجانب الحق والعدل الذي يُعد من أهم الركائز التي تجعل الشاعر يستطيع أن يؤثر في سلوك وحياة الناس.. فالشِّعر له دور عظيم في المجتمع، وهو حلم نعبّر من خلاله عن مشاعرنا وطموحاتنا وآمالنا، ويمثل رسالة سامية تنبع من فكر سليم، ومشاعر صادقة، ونبض يخفق بكل ما هو جميل.
ان مبادرة اتحاد ادباء وكتاب النجف ، بقيامها بهذه الفعالية التي احتضنت العشرات من مبدعي الشعر ومجموعة طيبة من الاكاديميين والباحثين والباحثات في مجال الشعر، تستحق الثناء والتقدير، فهي بحدّ ذاتها حدثاً ثقافياً رائعاً ومفيداً جداً، تسعدُ القلب وتشي بالمتعة الفكرية والحسية للذائقة الجمالية عند المتلقين، وتعيد العافية إلى مشهد حضاري من مشاهد الثقافة العربية هو الشعر .. لسان العرب.
وباختصار يمكنني القول ان معظم القصائد حلقت بين الشعر العمودي والتفعيلة وأخرى وجدتها أقرب إلى الخواطر، لكن جميعها ، احتفت بالحياة والوطن والإنسان والحرية.