قد لا نفكر كثيرا ولا نتعب في مطاردة ومتابعة الاحداث قبل ان نجد تبريرا مقنعا وأسباب منطقية .. حينما نقارن بين ما حدث من تغيير جوهري بما كان عليه البرشا في زمن المدرب الهولندي كومان .. وبين ما اصبح عليه الفريق ووضعه العام بعد قيادة النجم اكزافي هيرناندز ..
العملية برمتها لم تات اعتباطا اذ لم يتم تكليفه كونه نجم قديم او ابن النادي او مجرد لاعب ومدرب شاب يمتلك علاقات حسنة مع الرئيس لامبورتا .. وكذا ما يحوز من قاعدة شعبية يحتاجها النادي في الوقت الحالي .. الأمور كلها قد تبدو إيجابية وصحيحة وفقا لترتيبها ومنطقيتها وقد استفاد النادي فعلا من كل ما اسلفنا .. لكن الأهم الذي يجب ان تركز عليه الصحافة والاعلام ومن يريد التعلم في كرة القدم هو شخصية كزافي نفسه في دواخله منهجيته رؤيته مراحله طريقته قبل التركيز على عوالم أخرى تمكن من ترويضها والافادة منها لكنها ليست الصانع الحقيقي لما قدم حتى الان وينتظر من سحره الكثير في قادم الأيام ..
تشافي قبل سنتين عرض عليه تدريب نادي برشلونة لكنها ابى .. ليس بطرا ولا غرورا ولا نكران للجميل والذات او خشية من الواقع .. بل شعر تلقائيا ووفقا لعقيدة قيادية ظهرت عليه منذ الصغر في بواكير نجوميته المعلن والسافر عن وجهها في برشلونة وتحطيم ارقامه القياسية .. استشعر كزافي ان الوقت ليس وقته ولم يحن بعد .. عليه ان يضرب كمعلم لا تلميذ يافع في مدرسة البرشا التي لا يدخل اكاديميتها الا العباقرة الكرويين على مختلف المستويات وان حدث خلاف ذلك لفترة ومرحلة وظرف معين لن يدوم لغير العباقرة والنجم هيرنانديز منهم ..
اعتزل في وقت مثالي وكان بالإمكان ان يلعب موسميين إضافيين لكنه فضل الرؤية الاستراتيجية على المصالح الانية .. – هنا يكمن سر اخر في شخصيته – وترك فريقه بأفضل حالاته ..
ثم انتقل الى المكان الصحيح اذ حط رحاله وبنى مستقبله في قطر حيث الدوحة واجهة العالم وقطب الكرة الأرضية في عامها (2022 ) لاعبا ومن ثم مدربا بتان وتفهم واستيعاب وثقة وتؤدة عالية السيطرة فكنرول تشافي كما يحلوا للبعض ان يسموه عالي المهنية والفنية والعقلية .. التي لا تخالطها ترهات الامراض العدائية للنجومية التي تصيب الكثير من اللاعبين الاميين – للأسف الشديد – لقد كان حريصا على التعلم والإفادة وبناء الذات ومن ثم الابتعاد عن السهر والشهوانية المفطرة والتدخين والسكر المعلن والاشكالات الظهورية والفيس بوكية والأزمات الاعتيادية .. ظل حريصا على نجومية ونبوءته الكروية التي يجب ان تظهر وتتجلى بصراحتها ويفهم وحيها علنا ويقبل منطقها ويتعايش مع فلسفتها ..
تشافي لم يختار الدوحة تجاريا ولا تسويقيا ولا علاقاتيا .. انه خيار المنطق والعولمة والحداثة ومنطق السوشال ميديا المهيمن على العالم والذي ينبغي ادراك مفرداته وحفظ قاموسه لمن يريد النجومية العلمية وليس العاطفية .. انه اكزافي ابن الحضارة وانموذجها الأخلاقي والقيمي والمهاري الرائع … دعونا نستمتع ونستفيد منه مدربا وعقلا تكتيكيا بعد ان شغفنا حبا مهاريا كرويا حينما كان نجوم نجوم الملاعب الهاديء الصامت اذ لطالما تكلم بقدمه وراسه وابداعه .. فكان مصداقا للعامل ( الصامت ) ..