أشتهي‭ ‬الليلةَ‭ ‬الدبقةَ‭ ‬أن‭ ‬أصير‭ ‬مثل‭ ‬أنطوني‭ ‬كوين‭ ‬لكن‭ ‬ليس‭ ‬كما‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬الرسالة‭. ‬

 

ربما‭ ‬في‭ ‬شريط‭ ‬زوربا‭ ‬اليوناني‭ . ‬هذا‭ ‬الفيلم‭ ‬كنت‭ ‬شاهدته‭ ‬قبل‭ ‬ثلاثين‭ ‬سنة‭ ‬بغرفة‭ ‬أبي‭ ‬مروج‭ ‬رئيس‭ ‬عرفاء‭ ‬الوحدة‭ ‬أيام‭ ‬الحرب‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ . ‬كنّا‭ ‬مجموعة‭ ‬جند‭ ‬نعالج‭ ‬الضجر‭ ‬بالقراءة‭ ‬،‭ ‬وبما‭ ‬تيسّر‭ ‬من‭ ‬مصادفات‭ ‬رحيمة‭ ‬كانت‭ ‬منها‭ ‬تلك‭ ‬السهرة‭ ‬البديعة‭ ‬مع‭ ‬زوربا‭ ‬كازنتزاكي‭ .‬

 

ليلتها‭ ‬تورّط‭ ‬أبومروج‭ ‬الطيب‭ ‬بقبولنا‭ ‬ضيوفاً‭ ‬مثقفين‭ ‬على‭ ‬غرفته‭ ‬المرفهة‭ ‬الآمنة‭ ‬قياسا‭ ‬إلى‭ ‬خيامنا‭ ‬المهلهلة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬علاماتها‭ ‬رائحة‭ ‬الجواريب‭ ‬النائمة‭ ‬في‭ ‬بساطيل‭ ‬الحرب‭ ‬،‭ ‬وفتافيت‭ ‬صمّون‭ ‬الجيش‭ ‬الشهيّ‭ ‬الذي‭ ‬تفضّله‭ ‬فئران‭ ‬الصحراء‭ ‬وجرذان‭ ‬أثل‭ ‬البصرة‭ ‬الشاسع‭ .‬

 

لم‭ ‬أكن‭ ‬مهتما‭ ‬بشخصية‭ ‬الممثل‭ ‬الوسيم‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬بتقليد‭ ‬دور‭ ‬المثقف‭ ‬الملتزم‭ ‬والقارئ‭ ‬النهم‭ ‬الذي‭ ‬استحق‭ ‬لقب‭ ‬دودة‭ ‬الكتب‭ ‬بحقٍّ‭ ‬مبين‭ . ‬كنت‭ ‬منذهلاً‭ ‬بشخصية‭ ‬أنطوني‭ ‬،‭ ‬فهي‭ ‬خلطة‭ ‬من‭ ‬ثورة‭ ‬وصعلكة‭ ‬وكأس‭ ‬خمر‭ ‬وشرف‭ ‬ولامبالاة‭ ‬وبقايا‭ ‬حكمة‭ ‬لا‭ ‬تظهر‭ ‬بسبب‭ ‬كأس‭ ‬قوية‭ ‬أو‭ ‬مقامرة‭ ‬نسائية‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬ميتة‭ ‬وشحيحة‭ ‬الدهشة‭.‬

 

كلما‭ ‬تثاءب‭ ‬رئيس‭ ‬عرفاء‭ ‬الوحدة‭ ‬المسكين،‭ ‬قام‭ ‬واحدٌ‭ ‬منّا‭ ‬بزرع‭ ‬قوري‭ ‬شاي‭ ‬مهيّل‭ ‬فوق‭ ‬آخر‭ ‬أنفاس‭ ‬الحطب‭ ‬وعاجلهُ‭ ‬ثانٍ‭ ‬بسيكارة‭ ‬سومر‭ ‬سن‭ ‬طويل‭ ‬،‭ ‬أما‭ ‬أنا‭ ‬فقد‭ ‬واصلت‭ ‬بثّ‭ ‬الأمل‭ ‬برأس‭ ‬أبي‭ ‬مروج‭ ‬عن‭ ‬مضاجعة‭ ‬معلنة‭ ‬ستحدث‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الشريط‭ ‬على‭ ‬فراش‭ ‬المرأة‭ ‬الصقلّية‭ ‬المذهلة‭ ‬صحبة‭ ‬الممثل‭ ‬الجميل‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬والرئيس‭ ‬بعدها‭ ‬لم‭ ‬يتردد‭ ‬في‭ ‬تكليفي‭ ‬بتنظيف‭ ‬مرحاض‭ ‬السرية‭ ‬وما‭ ‬حولها‭ ‬بالمكناسة‭ ‬وديتول‭ ‬سوق‭ ‬الهنود‭ !!!!!‬

 

تدور‭ ‬الأيام‭ ‬وتتآكل‭ ‬روزنامة‭ ‬الحائط‭ ‬ويحطّ‭ ‬على‭ ‬ربة‭ ‬عمّون‭ ‬الجميلة‭ ‬كائنٌ‭ ‬شاعرٌ‭ ‬موسيقيّ‭ ‬طبيبٌ‭ ‬قاصٌّ‭ ‬حكواتيّ‭ ‬ضحّاك‭ ‬،‭ ‬هو‭ ‬صديقي‭ ‬المعتّق‭ ‬مثل‭ ‬خمرة‭ ‬برحيّ‭ ‬سعد‭ ‬الصالحي‭ ‬،‭ ‬فنطير‭ ‬صوب‭ ‬سرّة‭ ‬المدينة‭ ‬،‭ ‬وندلف‭ ‬حانة‭ ‬جديدة‭ ‬اسمها‭ ‬حانة‭ ‬زوربا‭ ‬التي‭ ‬أعادتنا‭ ‬أنا‭ ‬وسعّودي‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الشريط‭ ‬العظيم‭ ‬ورقصة‭ ‬كوين‭ ‬المدهشة‭ . ‬بعد‭ ‬سلة‭ ‬كؤوس‭ ‬حنينات‭ ‬نادى‭ ‬سعد‭ ‬على‭ ‬النادل‭ ‬الكريم‭ ‬وطلب‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يتدبّر‭ ‬لمسائنا‭ ‬الرائق‭ ‬موسيقى‭ ‬زوربا،‭ ‬فذهب‭ ‬الفتى‭ ‬إلى‭ ‬مرجعهِ‭ ‬وعاد‭ ‬إلينا‭ ‬بصحنِ‭ ‬فتّوشٍ‭ ‬مجانيّ‭ ‬وقد‭ ‬ارتسمت‭ ‬على‭ ‬وجهه‭ ‬ابتسامة‭ ‬مقموعة‭ ‬مثل‭ ‬سؤال‭ ‬عصيّ‭ .‬

 

مع‭ ‬كلّ‭ ‬رشفة‭ ‬عرق‭ ‬صرفٍ‭ ‬تتصاعد‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬سماع‭ ‬زوربا‭ ‬الأصلية‭ ‬،‭ ‬فيعزفها‭ ‬سعد‭ ‬بفمه‭ ‬المزموم‭ ‬وفي‭ ‬أول‭ ‬محاولة‭ ‬منّي‭ ‬للتثنية‭ ‬على‭ ‬عزفه‭ ‬اللطيف‭ ‬،‭ ‬أفشل‭ ‬في‭ ‬المختبر‭ ‬وتخرج‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬فمي‭ ‬المهدول‭ ‬خلطةٌ‭ ‬لحنيةٌ‭ ‬لذيذةٌ‭ ‬من‭ ‬تراث‭ ‬سعدي‭ ‬الحلّي‭ ‬الكبير‭ .‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *