عندما تضطرب الموجودات في أي مكان , لابد من حضور قوة خارجية , لرأب صدع التفاعلات السلبية القائمة فيما بينها.
وهذا هو الإحتلال الآسي , بمعنى أن القوة التي إنجذبت إلى المكان بسبب ما فيه من إضطراب , ربما ستساهم في تهدأة الأوضاع وتأمين التفاعلات الإيجابية.
أما الإحتلال القاسي فهو الإجتياح القسري لمكان ما والإستحواذ بالقوة عليه , ويتحقق الإجرام السافر , والصراع الدامي بين أهل المكان ومحتله الغاشم.
ويبدو أن القوى المتطلعة للإمساك بعنق المكان العربي , قد خبرت اللعبة ودرست السلوك , واكتشفت أن من السهل تحريك الأوضاع الداخلية وإصابتها بمضطرب , لكي تتوسل بها الحكومات للتدخل والمساعدة , فتأتي متظاهرة بالقيم السامية ومحبة السلام والحرية ونواياها إفتراسية شرسة.
وهذا ما يحصل في معظم دول الأمة , حيث المضطربات الداخلية متأججة , والنداءات متعالية مطالبة بمعونة الآخر لحل المشكلة , فلا توجد مشكلة في ديار الأمة إلا وطالبت دولها الأجنبي بحلها , وهذا يعني إستدعاؤه للإحلال بالمكان والقيام بالدور الذي يريده ويسعى إليه.
ولهذا فأن ربوع الأمة مليئة بالقوات والقواعد الأجنبية , اللازمة للسيطرة على المضطربات الداخلية والبينية العاصفة بين دولها.
وبهذا تترجم مناهج الإحتلال الآسي , أي أن دول الأمة تخضع لإحتلالات متنوعة , بإدعاءات أن القوات الأجنبية متواجدة بطلب رسمي من تلك الدول , وما جاءت عنوة , وإنما تنفيذا لإرادة الدولة التي وجدت نفسها في محنة لا قِبل لها بها.
ترى هل توجد في الأمة مهارات حل المشكلة , والتشافي من المضطربات الداخلية والإقليمية والبيية بأنواعها , أم أنها ستبقى في طريق التداعي بأحضان الطامعين بها.
على أبناء الأمة أن يتنبهوا ويستيقظوا , ويتمسكوا بإرادتهم وعزيمتهم الحرة , القادرة على الحياة المعاصرة العزيزة الصادقة!!
فكم من مجتمعات قد تعافت من ويلاتها ونهضت بسرعة العصر , لأنها تعاونت وسارت على سكة مصالحها الوطنية المشتركة!!