الفسادُ يمرُّ بثلاثِ مراحلٍ رئيسةٍ وهي مرحلةُ الظهورِ ومرحلةُ الانتشارِ ومرحلةُ السيطرةِ وكلُّ واحدةٍ من هذه المراحلِ تتكون من مجموعةٍ من الأدوار والقوانينِ التي تحاولُ تبريرَ ونشرَ الإجراءاتِ والممارساتِ التي تؤدي إلى قبولهِ كأمر واقعٍ وكأداةٍ لتسييرِ أمور الحياةِ اليوميةِ والتعاملاتِ والمواقفِ تجاه القطاعِ الخاصِ والعامِ، إذ يقومُ ممتهنو الفسادِ ومروجوهُ بوضعِ قواعد وآلياتٍ لممارستهِ بشكلٍ يضمنُ عدمَ حصولِ ردودِ أفعالٍ مجتمعيةٍ جمعيةٍ واضحةٍ لرفضهِ أو استنكارهِ وصولاً إلى فرضهِ وقبوله كأمر واقعٍ بالتوازي مع تعديلِ وتطويرِ قواعدهِ وآلياتهِ حتى يصبحَ له قانونٌ خاصٌ اسمهُ (قانونُ حماية الفسادِ) غيرَ المتاحِ بنسخةٍ ورقيةٍ أو إلكترونية ولكنهُ موجودٌ وراسخٌ في الفضاءِ الجمعي لمن يعملُ بهِ ويحاولُ تنميته ويكون متاحاً لكل من يريد أن يتعرفَ على قواعدهِ لينظمَّ إلى إحدى لوبياته.
كلُّ واحدةٍ من هذه المراحلِ الثلاث يعتمدُ وقتُ ظهورها وفترةُ حضانتِها على وفقَ عواملَ مختلفةً، قد تكونُ استجابةً لأحداثٍ أو مؤثراتٍ معينةٍ تعتمدُ على ثقافةِ المجتمعِ وموروثِه الحضاري الذي يسهمُ في مدى الانتشارِ ونسبةِ المشاركين من المجتمعِ، ولكن قد يصلُ الفسادُ إلى المرحلة الأخيرة (السيطرة) بنسبةٍ قليلةٍ من المجتمعِ ولكنَّها تمتلكُ القوةَ والنفوذَ والمالَ والسلطةَ التي امتلكتها نتيجةَ ممارستِها وترويجِها للفسادِ من خلالِ مراحلِه حتى مرحلةِ السيطرةِ، التي يصارُ فيها
إلى تعيينِ كبارِ الموظفينَ والمسؤولينَ وحتى الرؤوساءِ والوزراءِ لتسهيلِ تنفيذِ قانون حمايةِ الفسادِ واستمرارِ السيطرةِ وزيادةِ النفوذِ والممتلكاتِ وصولاً للهيمنةِ الحاكمةِ التي تعملُ على إبعاد كل من ينادي بمحاربةِ الفسادِ أو الممارساتِ التي لا تتوافقُ مع أبسط أخلاقيات المهنِ وصولاً إلى الضغطِ والتَّنكيلِ والابتزازِ والتلفيقِ الذي قد يصلُ إلى السجنِ على كل من يحاولُ الإبلاغَ أو الانتقادَ أو عدمَ الموافقةِ (في حالةِ كونه موظفاً) على أيَّة حالةٍ من حالاتِ الفسادِ لتصبحَ المنظومة تعمل بقانونِ حمايةِ الفسادِ التي تسلبُ حقَّ كل ذوي الخبرةِ والمهارةِ والنَّزاهة في ممارسةِ الأدوار الرئيسةِ التي يقومونَ أو يستطيعونَ القيامَ بها لتجديدِ المنظومةِ وصيانتِها وحمايتِها وصولاً للاستدامةِ.
# النظامُ أدوارٌ وقواعدٌ إذا اسندتْ الأولى للفاسدينَ فإنَّ الثانيةَ تتحولُ إلى أداةٍ لحمايةِ أعمالهم وتحصينِ أدوارهم وترسيخِ ثقافتهم.