في هذه الساعات الاخيرة قبل الدخول الى مواجهة سياسية غير مسبوقة لاسامح الله، تبزغ فرصة أخيرة على قيادات الحزبين الكرديين المتواجدة في بغداد حاليا اغتنامها وعدم السماح لأي طرف او شخص بالتدخل لتضييعها.
في الظروف والازمات الاستثنائية على القوى السياسية استذكار مبادئها الاصيلة وستراتيجياتها التي حققت النجاح بفضلها، وقد كان التوافق الكردي وكذلك الحفاظ على وحدة صف الشيعة كشريك تاريخي في كل مراحل النضال ضد الدكتاتورية، هي المبادئ التي أسسها القادة الكرد الكبار، الملا مصطفى بارزاني ومام جلال وكاكه مسعود، وهي الستراتيجية التي اعتمدها الحزبان الكرديان، البارتي واليكتي، خلال مسيرتهما السياسية، وفي كل مرة يحدث فيها الابتعاد عن هذه المبادئ والستراتيجية يدخل الجميع في أزمة.
ان وجود السيد بافل جلال طالباني، القائد الشاب الصاعد، والسيد فاضل ميراني، السياسي المحنك، اليوم في بغداد وقبل ساعات من موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المرتقبة، هي فرصة تاريخية يجب عدم تفويتها لحماية وحدة الكرد وكذلك وحدة الشيعة والابقاء على التوافق بين الطرفين لمصلحة الجميع، كما يجب عدم الاذعان لمصالح وعقد اشخاص قلائل اغتنوا على حساب الشعب الكردي وعلى حساب تاريخ حزبيه الكبيرين ويريدون البقاء في مناصبهم الى الابد.
ان هؤلاء القلة الذين اغتنوا وتسلطوا لا يترددون في اثارة الفتنة بين الكرد ولو ادى ذلك الى وضع الاقليم في مأزق كبير عبر اثارة العداء مع الجارة ايران التي لا يمكن انكار دورها في احتضان الشعب الكردي في أحلك الظروف، عندما كان الجميع يقف مع صدام حتى وهو يمارس الابادة والتهجير والقصف الكيمياوي والانفلة ضد الكرد، كما انه ليس من مصلحة الكرد الدخول في عداء مع الجارة التي لها حدود طويلة مع الاقليم وتوجد علاقات اقتصادية وشعبية بين الطرفين، علما ان ايران لا هدف لها غير بقاء القوى الشيعية موحدة وهو الهدف نفسه الذي يجب ان يسعى له الكرد، حيث لا يمكن الوقوف الى جانب طرف شيعي ضد آخر ولا المشاركة في الانقسامات التي ستؤذي الكرد بالدرجة الاولى.
ان الساعات القادمة حاسمة، ويمكن للسيدين بافل جلال طالباني وفاضل ميراني التوصل الى اتفاق على رئيس جمهورية توافقي، يرضي جميع الاطراف ويكون عامل تهدئة في المناخ السياسي العراقي ليعود الكرد الى وضعهم الحقيقي في العملية السياسية، فوحدتهم ومبادئهم التوافقية التي ارساها مام جلال وكاكه مسعود، هي سر قوتهم في العملية السياسية، وليس من مصلحتهم التمزق ولا تمزق شركائهم الشيعة.
ان القرارات التي تؤدي الى السلام والتهدئة هي التي تسبب الدخول الايجابي للتاريخ وليست قرارات اثارة الفتنة والمعارك.