ايام قليلة ، يحل علينا الشهر الفضيل ، ومع ترقب هلاله ، يزداد قلق ملايين المواطنين من ذوي الدخل المتواضع والمحدود بسبب الطفرات في اسعار المفردات التي تدخل في قائمة متطلبات ايام شهر رمضان ، وهي متطلبات معروفة للجميع ، ورغم اعلان وزارة التجارة ، انها باشرت بتوزيع السلة الغذائية الثانية من البطاقة التموينية والخاصة بالشهر الفضيل ، وهي ايضا بصدد تجهيز حصة ثالثة ، لكن عناد الاسعار المرتفعة في الاسواق بقى مستمرا ، وسط معاناة العوائل التي تشكو حالها جراء انخفاض قدراتهم الشرائية ..
وهذا القلق ، ينبغي ان يكون من صلب اهتمام المسار الحكومي ، فالحكومة هي الاب ، وهي الراعية لكل مواطن ، وعليها ان تولي أولوية قصوى لقيم احترام حقوق الإنسان ومتطلباته ، من خلال تعزيز مبادئ العدالة والمساواة وتوفير العيش الكريم ، ودعم العمل الإنساني والإغاثي تماشياً مع واقع الحال ، وهذا الموضوع جدير بالانتباه اليه ، والسعي الى اصدار قرارات سريعة لمعالجة تداعيات معاناة الجزء الاكبر من الشعب .
ان القلق المصاحب لقدوم ايام الشهر الفضيل ، عند السواد الاعظم من العوائل العراقية التي تبحث عن لقمة عيشها بصبر وجلد وأناة ، هو قلق مشروع ، رغم الفرح الذي تحمله القلوب لشهر رمضان ، وهو متأت من عدم القدرة على التغلب على أي موقف يواجه رب العائلة اثناء الطقوس الرمضانية المعروفة ، وهذا ليس بالأمر السهل، فهو مؤشر على ضعف القوة الداخلية للإنسان، وهي من أكثر أنواع القوى التي لا يمكن مراوغتها وتجاهلها لما لها من تأثير محبط وانعكاس على الفرد والمجتمع.
ولعلي اكون مصيباً بقولي ان المرء يحتاج الى من يعيد اليه قوته الداخلية وإلى طمأنة نفسه من خلال شعوره برعاية الدولة له ، ومعاونتها له بإجراءات محسوسة ، حتى يدرك أنه مواطن يستحق العيش من دون إرهاق مزمن من خوف مسيطر عليه منذ بدء يومه الرمضاني وتوجهه لعمله، حتى عودته الى احضان عائلته ، بانتظار مائدة الافطار .
ان بلوغ القوة الداخلية وعكسها على أنفسنا وحياتنا اليومية ليس بالأمر السهل، وعلى الحكومة ومؤسساتها ان تسعى الى كبح كل ما هو سلبي. فالإحساس بالمنعة والتقدير للحياة يكسبنا نوعا من القوة، وهي الامتنان لما هو جميل وخير.
فهل نستمع قريبا ، وقريبا جدا ، الى قرارات تفرح القلوب التي تستعد لاستقبال شهر رمضان من ( غلابة ) الشعب ؟