في القران الكريم ورد ذكر رحلتي الشتاء والصيف وذلك في سورة قريش إن منَّة إيلافهم رحلتي الشتاء والصيف، هي المنَّة التي يُذكر الله بها عباده ، لقد أفاضَّ عليهم بهاتين الرحلتين، وبمنتين ، اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف وهذا فضل من الله, منة أمنهم من الخوف، سواء في عقر دارهم بجوار بيت الله الحرام، أو في أسفارهم وترحالهم في رعاية حرمة البيت التي فرضها الله من كل اعتداء ، ونجحت تجارتهم ومن خلالها نجحوا بتأمين مستلزمات العيش الكريم الأمن .
فيُذكر الله بهذه المنن ليستحوا مما هم فيه من عبادة غير الله، وهو رب هذا البيت الذي يعيشون في جواره آمنين طاعمين، ويسيرون باسمه مرعيين ويعودون سالمين. وهو تذكير يستجيش الحياء في النفوس، ويثير الخجل في القلوب. ولكن انحراف الجاهلية لا يقف عند منطق، ولا يثوب إلى حق، ولا يرجع إلى معقول. تلك الرحلات ذُكرت من منن الله عزَّ وجل على عباده لتكون دروس وعبَّر لمن يعتبر . وعندما يُذَّكر الله بها عباده كي يعودوا لعبادته ، ويتركوا عبادة الاصنام وغيرها من الآله التي اتخذوها لأنفسهم من دون الله علماً يُذكرهم بالمنن وهو الخالق المُصور .
فليس من باب التشبيه لكن للتعلم من دروس القرآن وعِبَّره ففي العراق توجد رحلتين ، ايضاً في الصيف والشتاء ، يمر بها المواطن ، لكنهما مختلفتين تماماً !!
ففي الصيف يمر الشعب برحلة انقطاع شبه دائم للتيار الكهربائي ، مع ارتفاع عالي لدرجات الحرارة ، يرافقهما شحه في المياه ، تكاد تلك الازمات ان تجعل المواطن العراقي “يخرج من طوره ” ويتصرف خارج كل المنظومات والقيم التي تربى عليها من شدة المُعاناة !!
ورحلة الشتاء يفتقد بها المواطن للمحروقات التي تُشَّكل المصدر الرئيسي للتدفئة والطبخ مع انخفاض شديد لدرجات الحرارة ، يرافقها فقدان للخدمات الضرورية الأخرى التي تدخل في حياة المواطن مباشرةً مما “يُزيد الطين بلَّه ” وتضع تلك الازمات المواطن على حافة الإنهيار !!
وبنفس الوقت تنتاب المواطن حيرة من امره ، سببها التساؤل القائم هل نحن بلد فقير كي لانتمكن من توفير الكهرباء؟
هل فعلاً نحن حقاً بلد نفطي ولانستطيع توفير المحروقات ؟؟ام نحنُ ندفع ثمن التدافع السلطوي والاطماع الحزبية والفئوية؟
مقابل ذلك يطلب الساسة من المواطن مواجهه كل الاخطار التي تحيط بالبلد ، وأن يبادر المواطن بدفع روحه ثمناً للتضحية من اجل الوطن ، وحماية النظام السياسي القائم ، الذي لم ينتفع منهُ المواطن سوى الحرمان والخذلان والخيبة الدائمة! ذكروا المواطن بمننكم وسيدافع عن الوطن والنظام السياسي بالغالي والنفيس! أُذكر كل اخواني الساسة وقادة البلد بالآية الكريمة “سورة قريش ” وانصحكم جميعاً اقرؤوها بتمعن عَلَّكم تتعلمون الدروس والعِبَّر . فالباري عزَّ وجل لم يطلب من عباده ترك الاصنام إلا عندما أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف! فكيف لكم ان تطلبوا من المواطن التضحية بالغالي والنفيس من اجل الوطن الذي يعيش فيه وهو محروم ، ويشعر باليأس ولم تكلفوا أنفسكم بالسعي لتوفير ابسط مسلتزمات الحياة الكريمة منذ تسنمكم الحكم. عدالتكم سادتي الساسة تنقصها المعرفة بالدين والأعتبار من دروسه.