في رواية من الأدب الروسي ، أن سيد أراد اختبار خادمته ومدى طاعتها له ، وخضوعها لأوامره ، استدعاها في نهاية الشهر ليسلمها مرتبها الشهري ، فسألها كم لك عندي ، فأجابت مائة دولار ، فقال لها هذا الراتب المتفق عليه ، ولكن يخصم منه يومان غياب ، فردت الخادمة ولكني لم أتغيب ، فقال السيد بنبرة زعل وعتاب ولكن عندي مقيد أنك تغيبتي يومان ، فهل أنا اكذب أم اريد سرقتك ؟ فبادرت الخادمة على خجل بالاعتذار ، واستئنف السيد حديثه ، وعليك خصم ثلاثة أيام ثمن الصحون التي تسببتي في كسرها ، فردت الخادمة ولكن سيدي لم أكسر أي صحن ، فبدت علامات الغضب على السيد، فصرخ في وجهها وهل أنا اكذب عليك أو اريد سرقتك ؟ فردت الخادمة عفواً سيدي لم اقصد الإساءة لمقامك ، وبدأ الدمع يملئ إحدى عينيها دون أن ينهمر على خدها ، واستئنف السيد حديثه ، وعليك خصم ثلاثة أيام ثمن الطعام الذي تسببتي بافساده اثناء الطهي ، فردت الخادمة ولكن سيدي لم أتسبب بإفساد الطعام وراح الدمع يملئ عينها الأخرى ودون أن ينهمر على خدها ، حيث حرصت على حفظه بين مقلتيها ، وبدا الغضب واضحاًعلى السيد الذي صاح ، يبدو أنك تتقصدين تكذيبي ، فبدا الارتباك واضحاً على الخادمة وهي تعصر افكارها لتنتقي أشد الكلمات تعبيراً عن أسفها ، ثم قال السيد وعليك خصم يومان عن مغادرتك المنزل  أربعة  أيام قبل وقت الانصراف ، فقالت الخادمة ولكن سيدي لم أغادر المنزل قبل انتهاء وقتل العمل ، وبعد استئذانك ، فراح الدمع يسيل على خديها ، غالباً ارادتها وحرصها على كتمه ، بعد أن أطلق السيد صرخة مدوية ، وأخيرا اخرج السيد من جيبه عشرة دولارات وقال لها هذا ما لديك عندي ، فأخذت العشرة دولارات وقبلت يد السيد ، وأستئذنت بالانصراف ، فقال لها السيد قبل أن تنصرف ، لماذا قبلتي بالعشرة دولارات ولك عندي مائة دولار ، فردت الخادمة من غير المنطق أنني على صواب وسيدي على خطأ ، فتيقن السيد أن الطغاة لا يولدون وفيهم بذرة الطغيان ، لكن الشعوب مصنعهم ، والطاعات العمياء مرتكزهم ، والذلة أطمأنانهم ، فما استبد حاكم وراءه شعب حي ، وما استقام حكم ووراءه شعب أبيّ ، فكيفما يكون الشعب يولى عليه . نُصّب أول حكام العراق وهو قادم من وراء الحدود ، أجنبي غير عراقي ، فكنت السدة حلم عنده ، واعتلائها ضرب خيل ، وقدر له أن يُنصّب ملكاً على الأسياد ، فقدم وهو يتطلع لرضا شعب جبار ووطن حر ، فما كان للمستورد الا السعي لكسب ود القادم الأجنبي ، فراحت الوشاية تطفو ، والنفاق يتفشى ، والتزلف يعلو صوته ، والجميع يقف وجلاً أمام من قبل الحكم ، واعتلى السدة وتنزل عن سموه ، فتمكن الأجنبي من أبن الوطن ، وعلى مدى نصف قرن من الزمان ساد حكم العسكر ، فراح المغلوب على أمره يتذكر الزمن الجميل ، الزمن الذي عاش فيه جل العراقيين بؤس وفقر ومرض ونقص في الخيرات ، ويحدثونك عن الزمن الجميل !!!!!! وقُدر لحكم الظالم أن يزول على يد الظالم الأجنبي ، وتسلم مظلوم الامس القريب الحكم ، فراح الشعب ينادي بنصرة من قاوم وقارع وتصدى وقاتل الظالم وأعوانه ، وليس في ذلك ضير ، فالإنصاف جميل ، والعرفان بالفضل سمو ، ونصرة المظلوم شيمة ، والمطالبة بتعويض الظلامات رفعة ، لكن التأليه محرم ، والطاعة دون وجه حق هوان نفس ، وخلق الطغاة محضور ، والسكوت على الظلم ظلم بذاته ، فقد سكت الشعب على الأجنبي ، فصار أجنبي والوافد وريث عرش شرعي ، وهتف وصفق ونصر وناصر الشعب حكم العسكر ، فتحول العسكر سجان والشعب سجين ، وراح الوطن فريسة الجاهل والأمي ومحروم الجاه وفاقد التاريخ ، ممن عاش حياته متسكعاً ، فحوله الخاضع سيداً مطاعاً لا يُثنّى أمره ، ولا يُنقاش توجيه ، طاعته واجبة ، وعصيانه موجباً للموت . واعتلى العرش مُغتَصب الملك ومسلوب الحكم ، الذي جال الأوطان باحثاً عن وطن سليب ، وحكم مغصوب ، وعدالة مغيبة ، حاملاً ظلامته ، رافعاً كفنه ، فاضحاً ظلم ، مغادراً وطن ، وبين لطف إلاهي ، وعناية ربانية ، وجهد وطني ، ودعم دولي ، يعتلي المظلوم سدة الحكم ، فيوئلهه الشعب ، ويرهبنه الاتباع ، وينحني له من يعتقد بعدالته ، فيعود الشعب مظلوماً والحاكم مستبداً ، نعيب زماننا والعيب فينا …….. وما لزماننا عيب سوانا

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *