تختزل الذاكرة العراقية صورة سيئة عن مفهوم المعارضة وتُفسرها “بأنها تُمثل مجموعة من الاشخاص الطامحين بالسلطة ” والمستعدين للقتال من اجل اسقاط النظام الحاكم والأستيلاء على مقاليد الحكم .
تلك الصورة ترسخت اكثر فأكثر عندما استطاعت المعارضة العراقية من استلام مقاليد الحكم في العراق بعد عام 2003 خاصة وانهم هاجروا خارج البلد وعُذبوا وقاتلوا وقُتلوا ، من اجل اسقاط النظام ، وبالنتيجة من اسقط النظام واحتلَّ العراق هو الجيش الامريكي وتحالفه المشؤوم ، ليُسلم السلطة لاحزاب المعارضة بكل اطيافهم .
مشاريع المعارضة
وتلك انتكاسة بحق كل مشاريع المعارضة المُضحية من اجل نشر المفاهيم والقيم التي تتبناها احزابهم .
عندما استلمت المعارضة بعد عام 2003 مقاليد الحكم ، وفشلت لفترة ثمانية عشر عام من ادارة الدولة وتأمين عيش كريم واستقرار للمواطن ، عززَّ ذلك الصورة المرسومة للمعارضة في الذاكرة العراقية . بأن رجال المعارضة هم طلاب مناصب وكل شعارات التغيير والعدالة كانت سبيل للوصول للمنصب والسيطرة على المقدرات .هذا المفهوم لايمكن ازاحته من ذاكرة المواطن العراقي ، او تغيره إلا اذا ترسخت مفاهيم حقيقية لمشروع المعارضة ضمن مشروع ديمقراطي حقيقي يحقق للوطن والمواطن مايصبوا اليه .
لذا وضمن المفهوم الدارج للمعارضة لدى المواطن لايحق لأحد ان يطالب جزء من الاحزاب او النواب المستقلين الذهاب الى المعارضة ، في الوقت الذي لم تُذكر كلمة المعارضة كحقوق وواجبات لا في الدستور ولا النظام الداخلي للبرلمان ولا في اي قانون . اي بالمختصر انهم لايؤمنون بالمعارضة كمشروع لتصحيح الاداء ، وإنما المعارضة مشروع لابعاد مجموعة من المنافسين المشاركة في السلطة ، وهذا يدُل ايضاً على انَّ مشروع الديمقراطية في العراق احادي المفهوم ولا يقبل التصحيح ويستمر مفهوم
“الفوضى الخلاقة ” هو السائد .
ازدواجية التعامل مع المفاهيم سترسخ خيبة الآمل لدى المواطن ازاء مشروع العراق الجديد ، بديمقراطيته واحزابه وتقاسم منافعه ، لذا مالا تقبلونه لأنفسكم لاتفرضوه على غيركم ، عليكم أعادة النظر بكل المفاهيم ذات الصلة بالمشروع الديمقراطي كي يتسنى لكم الخروج من بودقة التحاصص الى فضاء الحكم الوطني الديمقراطي الشامل ، الذي يضمن حقوق الجميع من خلال تكامل الاداء الحكومي مع السلطة التشريعية والمعارضة البناءة .
على كل الساسة ان يعملوا من اجل اصدار تشريعات وقوانين تحفظ حقوق وواجبات المعارض كي يجد المعارض اطار قانون يعمل من خلاله ويحميه من المخاطر ، وما دون ذلك سنبقى بدائرة التخبط والانقسام .