في مثلِ هذا اليوم سقط الصنم ‘
وسقطت معه كل الاوهام والنظريات والشعارات والرهانات ‘
سقطت أقنعة ووجوه ومفاهيم وأعلام تعبوي ( يمجد ألقائد الضرورة ) وحقائق كانت راسخة في عقولِ بعض من انصارهِ على ان صدامَ ( رمز للحلمِ العربي وتلك الصورة النمطية ألتي كان يسوقها الاعلام العربي كمنقذ ‘ وهو المهزوم في كل الحروب التي خاضها).
سقط صدام وسقطت معه منابر وقنوات وصحف كانت تطبل له ليل نهار ,
سقطتْ عصابات وجيوب وجيوش وانظمة ‘
سقطْ المروجون الذين كانوا يٌزحفونَ الناس بالتكرارِ والتلقين ويصوغون ويسوقون لهم شعارات جامدة .
سقطتْ كل الحماقات التي كانت تاخذ البلاد والعباد الى الحروب والمهالك والمجازر والقتل والتصفيات ‘
سقطت ثنائيات التجريم التافهه : بين الوطني وغير الوطني وبين المناهض والمؤيد وبين المخلص والعميل ‘
سقطت قبلية العائلة الحاكمة واحتكار الرأي والحرية ‘
سقطت رهانات النخبة الحاكمة ممن كانوا يضعون تحت وسائد نومهم صور الجماجم والقتلى والغازات السامة والمقابر الجماعية التي تجهز على ابتسامة الاطفال .
لازال البعض يريد أن يحشرنا بين ( خيارين دمويين )‘
خيار دموية صدام وحقارته البشرية وقتل الناس ضمن دفعات : مرة في الحروب واخرى في الزنازين والمعتقلات والغازات السامة والانفال ضمن مراحل متفق عليها وبين التفخيخ والسيارات الملغمة والاغتيالات كقتل الابرياء والعّزل .
سقطتْ ايديولوجيا الخصم والتنكيل به ومصادرة حياته وحياة عائلته واهله وابناءه ‘
والتي كان يعتبرها الطاغية ليست نزعة انتقامية بل ثورية معهودة وسلوك سياسي يحاسب الخصم على النوايا والاحلام ‘
سقط صدام الذي كان مغرما بجسده وازياءه ‘
وكان يطلب من ضحاياه ان يهتفون له بفرح ‘
في حين كان يتربع على عرش المجروحين والصابرين في المعتقلات والسجون ‘
وكل ما قام به الصنم من تعدد في المظهر والسلوك لم يشبع نزواته ‘
مرة يظهر لنا فلاحا ومرة اخرى يظهر جنرالا ومرات يظهر كمفكر وفيلسوف ومنظر‘
( وهو لم يرقى ان يكون حتى سياسيا او مثقفا )‘
وفي مشاهد اخرى يظهر مثل رجال الكابوي حتى انه لبس الشروال الكردي في واحدة من تمظهراته الاستعراضية.
فعل المستحيل من اجل ان يحتل الذاكرة والتلفزيون والصحف والشوارع والجدران والبيوت وقدور الطبخ والاحلام ‘
لكنه سقط وسقطت معه كل تلك المخلوقات المشوهة التي كان يحملها.
وقد يكون صدام حالة شبيه من طغاة اخرين مثل النمرود والحجاج وهتلر ( كان لهم اكثر من وجه ) ولم تظهر حقائقهم الا بعد سقوط عروشهم.
اما كيف جاء هذا المعتوه وكيف حكم بالنار والحديد فهذا الامر يحتاج الى مراجعة شاملة وتحليلية تؤخذ منها الدروس والعبر والا فأن سنوات الحاضر قد لا تكون بعيدة عن سنوات الماضي في ظهور طغاة جدد ما لم يتدارك الناس وضعهم وحالتهم ويقظتهم.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *