يحاولون زرع اليأس في قلوبنا ،ومن قبل ذلك حاولوا قتلَ كل مَثلٍ لدينا ،وروجوا لزمن البرتقالة ، و زمن التفاهة ،ورجال الاحتلال ،وزمن الطائفية وغيرها من التسميات ،ولكننا لن نندم على سقوطه ونحن نتذكر صفحات القمع والاستبداد والترهيب لكل فرد عراقي .
لن نندم على أيام الاستضعاف والقهر وسلب الارادات ..
لن نندم على ذلك الزمان الذي لايقوى فيه إلا من قال نعم للطاغية وتملق حتى كره نفسه .
لن نندم على زمن كانت فيه الازدواجية سلوكاً وظاهرةً فالمواطن يصفق للرئيس وقلبه يعتصر ألماً على بقائه في الحكم جاثما على صدره ، وفي الشارع يهلهل للنظام وفي البيت يرفع يديه متضرعا للخلاص من هذا الكابوس .
لن نندم على نظام كان يمن علينا عندما نأكل ونشرب وكأنه الرزاق الكريم (حاشا لله)،لن نندم على نظام كان يسرق الفرحة من قلوبنا ويقلب ابتسامتنا الى دموع نتحسر فيها على زمن جميل قضيناه لسويعات معدودة .
كانت أنطارنا تلتفت يمينا وشمالا خوفا من المراقبة في دولة البعث البوليسية فكل مواطن متهم حتى يثبت ولاءه يوميا ولن تنفعه اقترابه من مواقع السلطة إن اتهم بمعاداة النظام او حتى انتقاده .
لن نندم على أيام كان الخوف هاجسَ المواطن وشبحَ الموت أو التغييب يطارده إنْ ارتكب هفوةً أو زلَّ لسانه في انتقاد النظام .
لن نندم على أيام عمد فيها النظام الى تخريب الوشائج بين العائلة الواحدة وقطع أوصال النسيج الاجتماعي بعميات مبرمجة.
لن نندم على نطام سلب ذاكراتنا الاجتماعية وشوه تاريخنا وحاول أن يقتلع جذورنا الحضارية ليكون هو التاريخ والحاضر والمستقبل .
لن نندم على ايام تحول فيها العراق الى سجن كبير لمن سلم على حياته وأغلق فمه ، وتحت هذا السجن الكبير توجد الالاف المقابر لمن عارض أو همس ضد النظام .
لن نندم على فرعون العصر وهل يندم المرء على طاغيته وجلاده إلا من كان مريضا ولازمته عقدة الاستضعاف .
يقولون إنَّ الامور سيئةٌ ،ونقول إن التغيير بيدنا لن تكون هناك منة من السماء مالم نغير ما بأنفسنا .
فعندما لانظلم ونسعى للعدالة ،ونسعى مرة بعد مرة حتى وإن تعثرنا بواحدة او اثنين او ثلاث لكننا سنجد التغيير وقد لاحت بشائره {إنَّ الله لا يُغيرُ ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
ساعي البريد يدق الباب مرة واحدة ومن لحق واستلم الرسالة وعمل بها فقد فاز ومن تقاعس عن فتح الباب ضاعت فرصته.
ولو عاد الزمن الى ماقبل 2003 لسعيت مرة اخرى لاسقاط النظام ولن تهزني دعوات النفاق هنا وهناك .
نحن من اكتوينا بنار الطاغية ونحن من ذاق المرارة، وتجرع السمَّ أربعة عقود ،
كل بحث عن مصلحته على حسابنا ،وكل دول الجوار ارادت بقاءه لمصلحة ما باستثناء الكويت للثأر من غزوها ،بعدما كانت حليفته قبل ذلك ،وايران كانت عدوته في حرب الثمان العجاف ، ولكنها ارادت بقاءه لمصالحها العليا بأن لاتكون قوات الولايات المتحدة بجوارها .
ما نمر به لا يدعونا الى الندم ،بل هي حركة طبيعية تمر بها المجتمعات بعد سقوط الديكتاتورية تطول وتقصر بحسب العوامل الانية التي تبرز في هذه المسيرة.
الندم على الماضي البائس لا يصنع مستقبلا زاهرا بل يغرقنا في اليأس ويجعل حاضرنا أسودً ونقدم للأجيال مستقبلا مظلما .
إن كنتم ناقمين فغيروا أنفسكم
وتغيروا ولا تندموا …

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *