كل شيء كان مؤمناً في تل ابيب ، أنظمة التنصت ، وماكنة الباتريوت ، والجند المدججين بالسلاح ، والمستعربين الذين جاءوا تواً من مدينة القدس العتيقة بعد حفلات القمع للمصلين الفلسطينيين ، وحده قرر وجاء ونفذ ، عــــمره لا يتجاوز 18  عاماً ، لكنه أدرك وفهم إن اجتماع  طابا وهو واحد من سلسلة الاجتماعات التي تستهدف البيت العتيق وباب المغاربة ، والحرم الابراهيمي ، وكنيسة القيامة ، نعم وحده ادرك كل ذلك ، وقرر العبور من مخيم جنين الى تل ابيب ، وهناك  كان الإسرائيليون الصهاينة والمستوطنون يحتفلون باغتصاب  الأرض والبيوت وطرد سكانها الاصليون منها .
فدائي شجاع
إذن لابد أن يكون القرار ، في تلك اللحظة حصلت المواجهة بين شاب يحمل بندقية عبر من مخيم جنين الى مركز تل ابيب ، وبين جيش وامن واستخبارات ومستعربون ، وكانت الواقعة أربعة قتلى  واحد عشر جريحا إسرائيليا ، ثم اختفى في المكان الذي كان يعيش فيه جده وتم طرده ، وبعد عدة ساعات من البحث عن الفدائي الشجاع ، جند في عمليات البحث اكثر من الف جندي وعشرات من عناصر الاستخبارات والامن والمستوطنون ، ثم وقعت المواجهة الثانية في احد الازقة ، وتكتم العدو عن الخسائر واستشهد الشاب الفلسطيني ، لكنه رسم أغاني الثورة التحررية ، طالعلك ياعدوي طالع من كل بيت وحاره طالع .في أسبوعين نفذ الشباب الفلسطيني ، الذي اطلق عليهم الأسود المنفلتة ، اربع عمليات أروع ما تكون من الشجاعة والايمان وصدق الانتماء ، راح نتيجتها11 اسرائليا ومثلهم واكثر من الجرحى ، الامر الذي دفع رئيس الوزراء بينيت دعوة الصهاينة الى حمل السلاح والدفاع عن انفسهم . ثم طلبت حكومة إسرائيل ولأول مرة من المطبعين وبعض العرب والسلطة الفلسطينية التدخل لوقف الأسود المنفلتة ، ولكن لا جدوى من كل التدخلات والمناشدات مادامت الأرض محتلة والبيوت مهدمة والوطن مسبي بالاحتلال فأن الأسود المنفلتة ستمضي الى الامام في عمليات فدائية قل نظيرها اللهم إلا يوم تفجرت الثورة وكان الصوت العربي قويا موحدا وجمال عبد الناصر يؤكد لاعتراف ولاتفاوض مع المحتل .يخطأ من يظن بان القضية الفلسطينية يمكن أن تخبو وسط لهاث المطبعين ، أو الذين يتصورون إمكانية الحل على وفق الرؤية الإسرائيلية الامريكية ، فلا حل ولا هدوء لوطن مستباح وشعب مشرد ، فالصراع قائم ويبقى كذلك ، ويتطور ويتجذر ويتسع ، حيث اصبح لفلسطين ، قوى ومقاومة مسلحة تبدأ من اقصى المغرب حتى تخوم اليمن ، وإذا كان العدو يتبجح بقوة سلاحة فأن لسيف القدس سلاحاً امضى بالايمان والقوة والإصرار ، وشهد لذلك كل العالم ، وحتما يتذكر العدو ماجرى له في جنوب لبنان وغزة والضفة الغربية الثائرة الولادة بالشجعان .إن الأسود المنفلتة ستزداد عدداً ، كلما مضى العدو في غيه وعدوانه ، ولم تتوقف المعركة التحررية التي يخوضها الشعب الفلسطيني إلا بالتحرير وإقامة الدولة المستقلة التي تكفلها القوانين الأممية ، وليشهد العالم إن الشعب الذي يكافح ويناضل ويقاتل منذ اكثر من ( 70) عاما لا يمكن بالمطلق أن يتوقف أو يسترخي حتى التحرير الناجز .
وحده جاء من جنين ، ووحده جعل الإسرائيليون يفتشون عن مخبأ في الشوارع وتحت العربات وفي الازقة ، وحدة اسقط كل أسلحة وأدوات القمع ، وليشهد حائط البراق انهم قادمون في وقت لاحق بالعشرات والمئات والالوف يصلون في البيت العتيق ويقاتلون وسط جيوش العدو ، فلا مفر من الإقرار والاعتراف بحقوق شعب لن يقبل الذل ، ومن اختار ذلك ليذهب الى أماكن اللهو ، أما هذا الشعب فلا يعرف غير الكفاح المستمر بكافة اشكاله ، والحمد لله الذي باركنا بشباب يقرر وينفذ ..

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *