بالفساد، وإدمان الفساد أشدُّ خطورةً من إدمان الحشائش! مجتمع الوظيفة العامة تحتقر الموظَّف النزيه المصلح، وتنظر إليه بريبة! وتحترم النزيه الجبان الصَّامت المُداهِن، وحسب قاعدة: كل جبان فاسد، وإنْ لم يسرق، جبنه يُشَجِّعُ الفاسدين.
إنَّ مجتمعاً منذ قرون، دَرجَ على نُصرة الظالم، لا يستحق غير الظلم! مجتمع الطلبة يحتقر الطالب المجتهد الذي لا يُغَشِّشُ الطالب الكسول! مجتمع الأساتذة يحتقر الأستاذ الذي يمنع الغش! متى صارَ الناس ينظرون إلى الموظَّف الحكومي، كمجرم أو فاسد أو مقصِّر أو كجزءٍ من منظومة الفساد؟ منذ الحصار أم بعد الاحتلال؟
قبل يومين أو ثلاثة، بداية آذار، ألقي القبض وبالجرم المشهود على طبيبٍ عجوزٍ يُمارس السلب والنهب منذ سنوات طويلة، والشَّاهد ضده صبيٌّ خائف، في مدينة عَقمت أنْ تنجِبَ غير الذكور البيروقراطيين! وبفضلهم، عذراً، لم تعد مدينتي سوى قصعة تكاثرَ عليها أكلتها من شُذَّاذِ الآفاق! والزَّائر القَزَم، كراقصة تصعد المسرح حولها حُرَّاسها الشخصيين، يركضون أمامه، وخلفه. والبقية يشاهدون بخوفٍ ووَجَل، والشفاهُ مُقفَلة..  وقلتُ لأحدِ أشهر البيروقراطيين، ممن انحنت ظهورهم احتراماً للفاسدين: بالأمس تمدح المدير القديم، واليوم تمدحُ الجديد؟ أنا لم أتغير، المدير تغير! ويفخرون ببروغماتية أمَّنَت كراسيهم لفترات طويلة. و” من أيّةِ الطُّرْقِ يأتي مثلَكَ الكَرَم.. رُبَّ مديرٍ جاء من مدينةٍ حدودية بعيدة، كرعاة البقر وعصابات السطو على البنوك، خلال أيامٍ قليلة يجمع له الضِّباع أموالاً كثيرة، بالابتزاز والتهديد. عذراً، لم تعد مدينتي سوى كعكةً للغرباء شُذَّاذ الآفاق ممن لفظتهم مدنهم لسوء أخلاقهم. و”سادات كل المُدن من نفوسهم، وسادةُ الموصل الأعبدُ القزمُ”.. الزائر القميء، يخلق العداوات بين هذا وذاك، يتدخَّل في أتفه الأمور، يريد أنْ يتحكَّم في كلِّ شيء، لعله يجد باباً للابتزاز ويسميها استفادة! الأحمق يعيشُ حرباً مع نفسه ومع الجميع بلا سبب.. والحرب مهنة الأغبياء، يحسبونها لعبة. الأذكياء يكتفون بالفرجة والمراقبة والتحليل. لكن المُضطر يركبُ الأهوال، ومجبرٌ أخوكم لا بطل، فقد تجنبتُ القَزَمَ كي يفيقوا، فأبت 56 عليَّ اعتزالي!
مخلوق فاسد، معجون بفاء الفساد والفس، مدعوم بشبكة علاقات مشبوهة، حيثما تدبُّ قدماه لا ينبتُ خير، يزرع الفتنة. (هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَميمٍ). (مَنّاعٍ لِلخَيرِ مُعتَدٍ أَثيم). (عُتُلٍّ بَعدَ ذلِكَ زَنيم). قميء قصير متكبر لا يؤمن بيوم الحساب. لا دين لا أخلاق لا أصل يمنعه الكذب والابتزاز والسلب والنهب. يسب الفاسدين ويهددهم فيعطونه، يزيد سِبابهُ فيزيدون أعلافه، يردِّد ليل نهار: يا عزيزي كلنا لصوص! “تهددنا وتوعدنا رويداً، متى كُنا لأمكَ مقتوينا؟”
قبل السقوط الحر الأخير، كان عاملاً يغسل سيارات المسؤولين، تدرج بشهادات مسائية لطشها، ولا يعرف غير الله كيف حصل عليها. زملاءه كانوا يسمونه 56، البعض ممن يعرفه عن قرب، يصفه: جحش مسيّب، يتبعه ضبعان حقيران يأكلان من فتات مائدته. مائدة الكلب المسعور حرام! كلب الصيد يلهث ويتعب ويكذب، وصيده لسيده الذي أخرجه من مجارير المياه الثقيلة.
صار المخلوق مديراً، بعد مئة عام من الاحتلال، نشرَ الفساد في زمن داعش، والفوضى في زمن كورونا. فضجَّت وعجت مدينته من فساده وفتنه، طردوه بعد سنواتٍ عِجاف، لكن بسبب ضغوطه أو توسلاته وطول وقوفهِ على أبواب المسؤولين، يسمونها ترضية كلب الصيد بعَظمة من مائدة المُحاصصة، لهذا العاق لمدينته وأهله، المنبوذ، مسيلمة العصر جلبوه عندنا مديراً في صفقة فساد مشبوهة، مَنْ لا ينفع أهله ولا مدينته، كيف ينفعنا؟ حسبنا الله ونعم الوكيل.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *