شتان ما بين الجهل والعلم .
ثمة بحور وجبال وفواصل ومسافات لا يمكن حصرها تقف بين الجهل والعلم .
في الجهل ظلمة بل ظلمات تغشى العقل والقلب معا .. في الجهل غياب للزمن وطمس للحقائق وضياع للمعرفة .
كل الأخطاء والخطايا التي ترتكب ليست الا حصيلة هذا الجهل ، كل الرزايا والآثام هي ردة فعل مباشرة لهذا الجهل .
فان رأيت دجالا يضحك على البسطاء من الناس ويسرقهم ويخدعهم فاعلم أن الجهل هو الذي يركب عقول هؤلاء الناس .
وان رأيت من يمشي في طريق ضال فاعلم أن هذا الماشي تضلله سحابة من الجهل .
والذين أشركوا بالله في العصر الجاهلي هم من وصف عصرهم بهم ، جهلوا الحقيقة الساطعة وجهلوا الخالق العظيم الذي جاء بهم الى هذه الدنيا .
وحينما يقف العلم شامخا أمام ظلمات الجهل فهو الذي يفرض نفسه بالحقائق التي يحملها على أكتافه ومعه شحنات من النور لتضيء أمام أعيننا كل ما نريد أن نتعلمه فتمحو معه التخلف والفقر والمرض
ان استغلال الثروات في وطن ما لا يأتي عن جهل ،والعلم وحده القادر على اعطاء نتائج حاسمة في هذا الميدان .
حينما يدق العلم الأبواب فهو حينئذ يفتح ميادين الحياة على مصراعيها ليكون الناس أكثر سعادة ورفاهية .. أما حينما يخيم الجهل على مجتمع ما فليس الا التراجع والتقهقر .
ان حصاد العلم أمة مباركة لاسيما اذا حملت معها الايمان ، ذلك أن العلم والايمان خير ما يكون لثروة الوطن وغناه .
كم من الشعوب أذلها الجهل فطمع بها الطامعون لتفقد حريتها واستقلالها .
كم من هذه الشعوب ظلت تعاني الخوف والقهر والحرمان في ظل هذا الجهل الذي جعلها تئن قرونا وقرونا دون أن تصحو لما هي عليه من خرافات عفا عليها الزمن لكنها لجهلها لا تدرك أين الصواب ولا أين الخطأ .
ان المرء اذا لم يبصر بتلك البصيرة التي أعطاها الله له فقد هلك وأهلك معه غيره ، ذلك لأن النظر دون بصيرة واعية ليس وراءه سوى السقوط .
وتتكرر الأخطاء دون أن نفهم ودون أن نجد الحلول الناجعة لمشكلاتنا .
لقد مرت أمتنا في فترة مظلمة كادت أن تمحو بريق تلك الحضارة الزاهرة التي أظلتنا أيام المجد يوم كانت دار السلام بغداد عاصمة الدنيا .
انه الجهل يمحو نقاءنا وصفاءنا وحتى ايماننا، فهل يا ترى يمكننا أن نؤمن بعقول ليس عليها قيد أو ظلمة أو بقايا جهل ؟