بين ريف العمارة وحانات موسكو اكتملت الدائرة الشعرية التي ظل حسب الشيخ جعفر يدور على محيطها، إلى النهاية. وحين كان يجرّب الانتقال إلى تجربة شعرية جديدة، يشعر سريعا بالاختناق، ويعود سريعا إلى دارته الأولى.
المعروف أن البداية في طريق الإبداع صعبة، أما بالنسبة إلى شاعرنا فقد جاء إلى دنيا الأدب بسهولة ويسر بالغين. كل ما يقوله كان شعرا، وحياته هي الأخرى شعر في شعر. جلسته في الحانة والمقهى شعر، وقميصه الذي يرتديه كذلك. كما أن طريقته في قول القصيد كانت تشبه الإعصار في قوتها وتأثيرها في كون الأدب، كأنما قلبت كل شيء من أعلى إلى أسفل، ولم تبقِ شيئا في مكانه.
عاش الشاعر شهابا لامعا في سماء الشعر، لكن السنين الأخيرة في رحلته كانت أكثر من عسيرة، من جهة الصحة، ومن جهة العسرة التي صارت تعيش في جوّها حروف شعره الأولى، وكأنه كان يملك عصا ساحرة، ثم جاء يوم وإذا بالعصا صارت من تلك التي يتوكّأ عليها…
كتب حسب الشيخ جعفر أربعة دواوين شعر عظيمة، وترجم لنا بوشكين وبلوك وآنا أخماتوفا وباسترناك ومايكوفسكي ويسينن. فهو عاش، إذن، حياة حقيقية، وممتلئة، وسعيدة.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *