اقتصر ذكر الصيام في القرآن على أربع آيات من سورة البقرة، “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (183) أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدّة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون (184) عندما الاحظ هذا التدين الرائج الذي ينطوي على الكثير من الكذب و النفاق و النفعية و الجهل ينقل ممارساته المرذولة من الناس التي مارسها أحد عشر شهرا في السنة الى الله سبحانه في شهر رمضان ، متغافلا أنه تبارك و تعالى عليم بصير ، أتذكر موقفي السابق من الصوفية ؛ فقدكنت اشتم الصوفية ﻷسقاطهم التكاليف الدينية . ولما دخلت عمق عالمهم وادركت السبب شتمت نفسي ﻷنني في يوم ما شتمتهم ..فهم يسقطون تكليف الصيام ، مثلا ، بعد ان ادركوا ان هذا النوع من التكليف لم يعد يؤدي غرضه الذي شرع من اجله . واوصوا بدل ذلك ان يصوم انسانهم ابد الدهر ، وﻻ يمنح جسده من الطعام و الشراب إلا ما يسد رمقه و يحفظه من الموت .فالجسد إذا شبع صار يبحث عن ملذات اخرى تبعد اﻷنسان عن عالم اﻷخلاق الصوفية ، و السعادة القصوى ، وتقربه اكثر من دنياه الفانية الممتلئة بالحسيات التي تشكل مبعثا للصراع من أجل الثروة والتدافع من اجل الملذات والمنافسة من اجل الجاه . بل يمكن ان تكون هذه مصدرا للكثير من الشرور و الأفعال الشريرة التي يقترفها الانسان في الدنيا .
وبعض اسباب ذلك إعتقاد الصوفية ان هذا الجسد يمثل سجنا للروح ، وعليهم المجاهدة ضده كي تتنقى الروح و تنطلق في معارج السالكين الى النور المطلق والسعادة والحقيقة اﻷبدية التي يجسدها الله سبحانه . وإﻻ فمن غير المنطقي ان يهتم مسجون بسجنه كي ﻻ يتهدم و هو الذي يسعى الى الهرب منه !
لقد وجدت الكثير من الناس منشغلين بالحديث والتفكير والتصرف بالطعام و الشراب في رمضان ، و ليس في رمضان نفسه كما اراده المشرع . فيحولون رمضان الى فرصة أخرى للأكل والشرب والبذخ .. ويقولون زورا و بهتانا انهم بذلك يتذكرون معاناة الجياع و الفقراء … وليسوا هم في ذلك إﻻ ممارسين جيدين للكذب على انفسهم و على الناس وعلى الله .. وهذا سبب آخر يدفعنا الى الدعوة نحو تصحيح النظرة نحو الكفر و اﻷيمان … و العصر .. ان اﻷنسان لفي خسر .