إعتقادُ الانسانِ بأنّه يمتلكُ الحقيقة هو مصدرُ كلّ قمعّ ، فهذا الاعتقادُ يعتقلُ العقل،عقل الذات وعقل الاخر ..فالمذهبُ السّياسي الإيديولوجيّ يطلبُ من أتباعهِ ما يطلبُه المذهبُ الدينيّ من أتباعهٍ ، وهو الخضوع الدائم والتضحية بالذات والقبول باستئصال الاخر ، ففي القمعِ والقتلِ والاستبداد يتلاقي الل؟اهوتيّ مع الايديولوجيّ .. لذلك ف‏لا تستغربُ من السياسيّ الذي يٌطالبُ بالحرّياتِ وحقوقِ الإنسان وبنفسِ الوقت يُطالبُ بسجنِ من ينتقدُ التراث أو يكتبٌ رأياً مُخالفاً لمعتقداتِه ، فعالمُ الاجتماع الفرنسيّ (إدغار موران) يقول : ” إنّ جميعَ الفنون أبدَعت وأنتجَت روائع ، إلا السّياسة ، فقد خلَّفَت مسُوخاً ..! ” ..
في كلِّ مرحلةٍ تاريخية يولَدُ (سقراط ، وجاليليو ، وبرونو ..) كثقافةّ للخروجِ عن المألوف تقودُهم الأكثرية للقتلِ أو النّفي ، غير أنَّ أفكارَهم تبقى حيّة ، في حين يفنى جلاّدِيهم ..! فكلّ الأفكار المُذهلة التي تبّناها أفرادٌ وغيّرت وجهَ العالم ما هي إلا نتيجةٌ صِراع بين أفكارٍ متناقضة ..
وعلى هذا ، فإنّ :
– رجلُ الدّين الذي رفضَ معانداً أن ينظرَ في التلٍّسكوب عندما طلَب منه (غاليليو) ذلك ليرَى الحقيقةَ بعينهِ وفضَّل على ذلك أن يزٌجَّ بغالِيلي في السِّجن .
– رؤساءُ المَجمع اليهوديّ الذين منعٌوا النّاس من الاقترابِ من (سبينوزا) لمسافةِ أربعةِ أذرُع وصبُّوا عليه جميع اللّعنات الواردة في سٍفرِ الشريعة في نومهٍ وصبحهٍ ودخولهٍ وخروجه وقيامهٍ وقعوده .
– المحكمةُ الإكليريكية التي  قطعَت لسان ( جيوردانو برونو) .
– الكنيسةُ التي لم تسمح بدفنِ ( فولتير ) لأنّه انتقدَها .
– برلمانُ باريس الذي أصدرَ قراراُ بحرقِ ( جان جاك روسو ) .
– رجالُ الكهنوتِ الذين أطلقُوا على كلابِهم اسم ( كانط ) .!
وهكذا فقد ذهبَ كلُّ هؤلاء وأمثالهم وتوابِعهم ، وكلُّ من على شاكلتٍهم الى هوامشٍ التاريخ وبقِيت أسماءُ أصحابِ الفكرِ مُخلَّدة في ذاكرتهِ …

قبل aktub falah

يعتقد واحد على "“ الدّينُ والدَّهماء “ “الكاتب محمد الكلابي” "

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *