لقد تميز الإنسان عن غيره من الكائنات..أنه يراكم الخبرة..ويغتني من التجربة..ولدية القدرة الفكرية والعملية لابداع الكثير من مستلزمات الحياة المادية والروحية..وقد سطر في هذا المجال الملاحم الخالدة..بما ابدعه من فكر ونظم وشرائع..وبما اخترعه من مكائن الغزل والنسيج وتلك التي تعمل بطاقة البخار..وصولا إلى الكهرباء..وغزو الفضاء..والهندسة الوراثية وفتوحات الطب كالخلايا الجزعية وغيرها كثيره.
هكذا إذن هي مشيئة آلله في الإنسان..الكائن البناء المحصن بالحكمة والعقل والرؤية الثاقبة..والقادر على تغير واقعه وأسلوب حياته..بما يمتلك من سعة التفكير..وارادة التقوى..للتوصل إلى بناء مجتمعات يسودها الود والتحاب والتصافي..في مواجه التحديات وقهرها..وكل نجاح واي تقدم يحرز هو في خدمة البشرية جمعاء ..ومن أجل تطورها وارتقاءها.
فجائحة كورنا في عصرنا الحاضر..كانت مرعبة لكل الشعوب والبلدان..وقد بلغ ضحاياها الملايين خصوصا في الولايات المتحده..وإيطاليا وعموم أوربا وآسيا..مما دفع كل البلدان إلى التعاون والتعاضد والتنسيق المشترك من خلال منظمة الصحة العالمية..وتسارع الدول المتقدمة لإنتاج اللقاحات المضادة من خلال شركاتها العملاقه المتخصصة..وبيعه إلى كل دول العالم دون استثناء.. ومنح العديد من تلك الدول ملايين الجرع مجانا ودون مقابل..أدى ذلك وخلال زمن قياسي إلى تراجع ذلك الوباء ..وانحسار تاثيره..وعودة النشاط الصناعي والتجاري لكل أنحاء العالم..وانتعشت اثر ذلك.. اقتصاديات الدول المتقدمة والفقيره على حد سواء .
تحديات أخرى تواجه البشرية..كالتغيرات المناخية الناتجة عن انبعاثات الغازات الدفيئة..وانتشار الأسلحة النووية..والإرهاب والتطرف ..ولن يهداء بال المجتمع الدولي لحظة واحدة..وهو بصدد وضع الحلول المناسبة..لتلك التحديات..وبالتعاون وانتهاج السياسات الإيجابية سيكون حتما ..وضع حد نهائي لكل تلك الشرور ووئدها.
فالانسان الذي كرمه الله إن جعله خليفته في الأرض..والذي وهبة الحكمة والسداد..قادر باصراره وبارادته الصلبة..على وضع الحلول وانهاء الازمات مهما كان استعصاءها.
لا أحد منا لم يطلع على التاريخ..وكيف مرة على الإنسان عصور صعبة وقاسيه..وكان أمر التفكير بها وتجاوزها أمرا شبه مستحيلا..لكن بصبر الإنسان وجلده واصراره..ونظالة المرير من أجل الحرية والعدل والمساواة قلب الكثير من الموازين ..بالوصول ألى نظم وشرائع..ساهمت في ترسيخ الحضارة..وتثبيت جذورها ..وجعلت الحياة على الأرض أكثر رفاهية وسعادة وأقل شرورا.
ألم يكن إصرار الرسول محمد ص ..على نشر رسالته ألتي كلفته بها السماء.. بالتصدي لعصر الجاهلية ..هو العامل الحاسم في تغير واقع حياة الكثير من الشعوب والأمم.
وألم يكن ثبات الحسين عليه السلام..على مقارعة الظلم والطغيان والاستبداد..مهما كانت التضحيات..هو أحد عوامل التعجيل بالقضاء على امبراطورية بني اميه.. التي زرعت بذور الظلم والاستبداد ..والعودة إلى نظام الجاهلية الأولى..وظلت تلك الثورة منارا شامخا..ودرسا بليغا..يرواد مخيلة الأحرار والمستضعفين في كل مكان..يقض مضاجع الطغاة والبغاة حتى قيام الساعة.
كذلك فإن نشر القيم الديمقراطية التداولية..ومباديء السلام والتعددية والإيمان بالآخر المختلف..والتي الآن تتبناها شعوب العالم المختلفة..وضمن مساحة جغرافية واسعة جدا..لم يكتب لها النجاح والتحقق..إلا بعد صراع مرير مع أفكار التخلف والظلام والرجعية.
فلتسموا عقولنا..ولنؤمن بانفسنا..أننا رقم صعب في المعادلة الوطنية..ولنشارك الجماهير همومها وتطلعاتها..بالبحث المتواصل عن الأفضل والاكمل..تشريعات وخدمات ..ولنكن عونا للنخب الخيرة..سواء منها الدينية والسياسية والاجتماعية..في تصديها لكل الانحرافات والشرور والمفاسد.