قلبي وعقلي على الناس في الشوارع ففي هذا الزمن الذي تداخلت وتشابكت وتشابهت الكثير من المفاهيم والقيم والعناوين. اختلط الحبر مع الدم مع الاحلام مع الاوهام مع الكوابيس مع العري السياسي مع الدين ( حرب القبور والاساءة للرموز الدينية ومشاعر الناس من اجل خلق شرارة لحرب جديدة تأكل الاخضر واليابس ) مع النفط مع غلاء الاسعار وهبوط قيمة الدينار وشحة الكهرباء ونقص الخدمات. وشهر تموز على الابواب .نستقبل ربيع ملتهب وجحيم صحراوي ‘ وجوه تحترق من لهب الشمس والعواصف الترابية. في هذه المتاهة التي اختلط كل شي فيها ‘ عواصف ترابية مع انسداد سياسي .انعدمت فكرة الحداثة السياسية والادارية والاجتماعية والثقافية مع وجود موظفين منتفخين كالبالونات من دون اي مؤهلات حقيقية وبعضهم تسلم مناصب حساسة . تحول العراقي الى طريدة مذعورة لا تفكر بمن سرق وبمن نهب وبمن فسد ( وبمن قلّب بالدخل خارج العراق) وبمن احتل وبمن خرب وبمن قتل ‘ وبمن تم انتخابه نقيبا للمرة الخامسة على التوالي في فضاء انتخابي وزغاريد وتهنئات متبادلة_ وكل شي تحت غطاء الشرعية المهنية والانتخابية_ ) وبمن يبحث عن المناصب والامتيازات ويركض خلف المال والشهرة ‘ بل تبحث عن الامان وتوفير لقمة العيش. لم تعد الديمقراطية والدستور والقانون حلم من احلامه ‘ بل حلمه ان ينجو من هذه الدوامات بعد ان تحولت النفوس والمدن الى انقاض. لم تعد الناس تفكر بالسيادة الوطنية والحرية والعدالة والقانون. وان التجاوز والاساءة على هذه المفاهيم هو تجاوز على الحياة والمستقبل. خاصة اذا ما عرفنا ان دولا كثيرة تتخذ لها مواقع ومكاتب موزعة في انحاء العراق على شكل قواعد او منظمات او ممثليات ولم نشاهد من يتحدث عنها كما لو انها ظواهر طبيعية في حين انها تخطط وترسم وتصنع مزاج شارع وحياة شعب. ربما نتذكر وعد ( كيسنجر بأرجاع العراق الى 500 سنة الى الوراء ).من خلال مشروع قديم وحلقات متسلسلة من صناعة الخراب المنظم. كل الازمات الامنية والاقتصادية هي ازمات مفتعلة ‘ وقد وفر حكام العراق على امتداد تأسيس الدولة العراقية غطاءا وذريعة لما وصلنا له من خراب اجتماعي وسياسي وثقافي واخلاقي لذلك لم يحصل اي تغيير او تطور او نهوض .لأن التراتيبية التي تم خلقها ( تراتيبية عشائرية وقبلية وحزبية وعقارية وطبقية من ملاك وتجار وساسة ورجال دين ) هي تراتيبية تلجم اي نوع من التغيير وليس من مصلحتها ان تتغير هذه القواعد التي تم التأسيس عليها.نحن نعاني من مأزق معرفي ولكنه يظهر كمأزق سياسي ويتجلى ذلك من خلال تفشي التفاهة والسطحية والجهل وهيمنة لغة الانحطاط والاستعراض وهذه كلها علامات واشارات تظهر قبل انهيار اي امة او شعب . العالم يسعى لعبور المستقبل ونحن لازلنا نتصارع على التاريخ والاساطير والحكايات ونختلف في تفسير الوقائع والاحداث ‘ في حين اننا ننتهك ونستلب. فتحت تأثير هذه العوامل لا يمكن ان تكون خيارات الجمهور سليمة لأن المجتمع في وضع غير مستقر لا صحيا ولا سياسيا ولا ثقافيا ولا اقتصاديا. كيف سيتم اختيار الافضل في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة وكل الابواب مغلقة في وجوه الناس وهل سيتم اختيار الاقل سوءا
على اساس فرضية ( اللي يشوف الموت يرضى بالصخونة ). لكن لو جاء هذا الاقل سوءا فهل سيأتي وحده ام انه يأتي وتأتي معه سلوكيات رثة وقيم محنطة تتحكم به ولا يتحكم بها.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *