سؤال إختصر إجابته المفكر مصطفى محمود في العبارة الجميلة التالية …(ليس المطلوب أن يكون في جيبك مصحف ، ولكن المطلوب أن تكون في أخلاقك آية ) …
عبارة لطيفة لخص بها الطبيب والمفكر والفيلسوف مصطفى محمود رحمه الله صيغة التعامل مع كتاب الله العظيم ، القرآن الكريم وهي (أن قراءة القرآن لوحدها لا تكفي )..
لم ينزل القرأن الكريم للقراءة فقط ، وكأنه كتاب مطالعة فقط ، بل لفهمه وتدبرمعانيه ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) وتجسيده في سلوك شخصي .. في العبادات والمعاملات .. في التعامل اليومي مع الآخر .. في البيت ، والعمل ، والشارع .. في الحلال والحرام ، والحق والباطل .. في العمل .. في التطبيق ويتجسد ذلك في السلوك ..
الامام علي لخص هذا المعنى في وصية لابنه الحسن مضمونها ( لا تخبر الناس كم تحفظ وكم تقرأ من القرآن ..
دعهم يرون فيك قرآنا ) ..(أطعم جائعا ، إرحم يتيما ، سامح مسيئا ، بر والديك ، صل رحمك ، ابتسم للجميع ) .. فليس العبرة أين وصلت في قراءة القرآن وحفظ القرآن إنما أين وصل القرآن فيك ..
ووصيته لعامة المسلمين ( يا حملة القرآن ، إعملوا به فإن العالم من عمل بما علم ، ووافق عمله علمه ..) ..
ولذلك ينــغي أن يظهر القرآن في عــــمل وحديث المؤمــــن ( أي في السلوك ) ..
وفي هذا المعنى قال إبن مسعود أيضا (كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن ..)
فالعبرة ليست في ( أين وصلت في قراءة القرآن أو حفظه ) ، فما أسهلها على الذاكرة … وإنما الحكمة في ( أين وصل القرآن فيك ) وكم أرتقى بك … أي في الـــسلوك والتصرف والالتزام باوامر اللــه ونواهيه وأحكام دينه …
وهنا يكمن الفرق بين ذاكرة الانسان وذاكرة الحاسوب .. في العمل والتــــطبيق .. بدونهما تكـــون مهمة ذاكرة الانسان الخزن فـقط … وكأنه ألة ..
وبهذا المعيار تكون البركة الحقيقية للقرآن وعائد القراءة والتدبر على الانسان .. البركة ليس أن بوضع القرآن في السيارة ، أو في البيت للتبرك به فقط ، دون قراءة ، أو دون العمل باحكامه ، وكأن حياة المسلم لا صلة لها به ، أو تكون العلاقة معه ظرفية ، تقتصر على شهر واحد او مناسبة معينة … إنه منهج حياة متكامل لكل الازمان والعصور وحالات الانسان ، ويحقق التوازن (بين ظاهر ه وباطنه ، وبين مشاعره وسلوكه ، وبين عقيدته وعمله ….(إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) …
الخلاصة : القرأن مأدبة الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر الكريم وكل أيام السنة .. يجد فيها المؤمن ما لذ وطاب من المعاني والنعم والأداب والاحكام ، لكي يعمل بمقتضاها ..
والمؤمن من تأدب بأدب القرآن …
{ { { {
كلام مفيد :
قال أبو نواس في أواخر أيامه :
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة
فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن
فبمن يلوذ ويستجير المجرم
أدعوك ربي كما أمرت تضرعا
فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
مالي إليك وسيلة إلا الرجا
وجميل عفوك ثم إني مسلم