سياساتُ وإجراءاتُ النِّظامِ التَّعليميِّ تختلفُ بشكلٍ كبيرٍ عن المنظماتِ غيرِ التَّعليميةِ وخاصةً فيما يتعلقُ باتخاذِ القرارِ ، لوجودِ رؤيةٍ مفادُها أنَّ القرارَ المتخذَ في المنظماتِ التعليميةِ له أهميةٍ علميةٍ وأخلاقيةٍ ومهنيةٍ على النظامِ التعليميِّ وأصحابِ المصالحِ والمهنِ والمجتمعِ المحليِّ والعالمي، إذ ألزمت هذه الرؤية جميعَ الأنظمةِ التَّعليميةِ تحديدَ سياساتٍ واجراءاتٍ وآلياتٍ علميةٍ واضحةٍ وشفافةٍ وأخلاقيةٍ تعززُ مهنيةَ إتخاذ القرارِ لضمانِ مخرجاتٍ تؤدي إلى تطويرِ وصيانةِ العمليةِ التعليميةِ والبحثيةِ، وخدمةَ المجتمعِ، وتلبي حاجةَ المجمتعِ والسوقِ بما يرسخُ المساراتِ العلميةِ والأخلاقيةِ ولا يخالفُ المعاييرَ المتفقَ عليها دولياً. فعندما نتكلمُ عن آليةِ اتخاذِ القرارِ الأكاديمي نذكرُ المجلسَ العلميَّ للقسمِ، مجلسَ الكليةِ، مجلسَ الجامعةِ، وهكذا بالنسبةِ لبقيةِ اللجانِ العلميةِ والبحثيةِ في المؤسساتِ الأكاديميةِ، ليكون أخلاقياً وموثوقاً ومتفقاً عليه من قبل متخصصين مؤهلين (اخلاقياً، نفسياً، علمياً، مهارياً) ومدركينَ للدور الأخلاقي والعلميِّ والمجتمعيِ المهمِّ والخطيرِ الذي يقومونَ به من خلالِ ممارسةِ مهنةِ التَّدريسِ الجامعيِ واتخاذِ القراراتِ الأكاديميةِ وما يترتبُ عليها من مسؤوليةٍ علميةٍ وأخلاقيةٍ واجتماعيةٍ. هنا لا بد من طرحِ انموذجٍ معاكسٍ وهو عندما يتمُّ اختيارَ أعضاء هذه المجالس أو اللجان بناءً على المصلحةِ (الشَّخصيةِ، الفئويةِ، الحزبيةِ، المحاصصاتيةِ،……) لرئيسِ الجامعةِ أو العميدِ أو رئيس القسمِ فإن القرارَ يوظفُ للمنفعةِ (الشَّخصيةِ، …..) والتخادمِ والظلمِ والكراهيةِ والتّسلطِ والإكراهِ والتَّعسفِ وقتلِ الإبداع والابتكارِ والتميز ليكون غيرَ علميٍّ ولا أخلاقيٍّ ومدمرٍ للنظامِ التعليميِّ وأصحابِ المصالحِ والمهنِ والمجتمعِ، مما يؤدي إلى إرباكٍ في النظامِ وضبابيةٍ في الإجراءاتِ ورماديةٍ علميةٍ وأخلاقيةٍ في اتخاذِ القرارِ وتجاهلٍ للمساراتِ المعتمدة علمياً وأخلاقياً ودولياً لتكونَ النتائجُ كارثيةً ومدمرةّ ولها آثارٌ سلبيةٌ بعيدةُ المَدى. هذا السلوكُ لـ (رئيسِ الجامعةِ، العميدِ، رئيسِ القسمِ، رئيسِ لجنةٍ علميةٍ) غيرَ علميٍّ ولا أخلاقيٍّ يجبُ متابعتُه ورصدُه من أصحابِ القرارِ والدوائر المعنيةِ وإقالة ممارسيهِ فوراً وإحالتهم للتحقيقِ لأنه يؤدي إلى تشويهِ سمعةِ المؤسسةِ الأكاديميةِ وإلحاق أثرٍ سلبيٍّ كبيرٍ وعميقٍ على الجامعةِ وأصحاب المصالحِ والمهنِ والمجتمعِ لا يمكن إزالته حتى على المدى البعيدِ لأنَّ التشخيصَ الدقيقَ للمرضِ يرشدُ إلى دواء أكثر دقةٍ يعالجُ الداءَ ويصفرُ الآثارَ السِّلبيةَ الجانبيةَ اما التشخيصُ المتأخرُ والإهمال فقد يفضي إلى الاستئصالِ الذي لا يمكنُ إخفاءَ آثاره السِّلبية الدائميةِ. اللهُمَّ هَل بَلَّغتْ اللهمَّ فاشهَدْ.