مع اقتراب الساعات المقبلة ، تبدأ القلوب بخفقان الفرح ، إيذانا باستقبال اول تباشير ايام عيد الفطر المبارك ، وهكذا هي السنين تمضي مسرعة ، مثل ومضة الحياة ، فبالأمس القريب ، استقبلنا أول ايام شهر رمضان الفضيل ، وها نحن نودعه بعد مباركته لنا .. فهل زادت الايام من دورتها ، ام ان لعمرنا الراكض نحو الأفول هو السبب في رؤانا لتلك السرعة التي باتت مثل سراب في صحراء الروح ؟
اذن ان عطلة العيد بدأت ، فماذا هيأت الحكومة للمواطنين من وسائل الترفيه .. لم اجد جوابا مع كل مطالعاتي لتصريحات المسؤولين ، لاسيما من يتصدون للخدمة العامة في بغداد والمحافظات ، ففي العاصمة (مثلاً) مازال متنزه الزوراء ” هو الصديق الدائم ، بل الأزلي للبغداديين وزوار بغداد ، وما عداه فهي اماكن ترفيه تجارية مهمتها السطو على جيوب العوائل ، واعني بها المولات والمطاعم وما شابههما ، وهي لا تسمن وتغني من جوع مجتمعي لترفيه برئ .. والحال ذاته في المحافظات .سألتُ من هو على دراية في امانة بغداد ، وهي الجهة المشرفة على المتنزه ، عن الجديد في منشآته ، فأجاب مبتسما : قمنا بأعمال ترميم بسيطة ، مع اعترافنا بأن حجم زيارة المتنزه في ايام الأعياد والمناسبات لا تتناسب مع الرقعة الجغرافية له ، فالأعداد التي ترتاد المتنزه ، كبيرة جدا لم نقوى على الإيفاء بخدمتها … ومع هذا الجواب ، عادت بيّ الذكرى الى سنوات افتتاح المتنزه ، كيف انه اجتذب جمهورا واسعا ابتداء من الاطفال وصولا الى الكهول لأنه احتوى على الأمان وعلى مواقع ترفيه بسيطة الكلفة ، وكيف كانت الأجواء الصيفية والربيعية تنعكس على طقوس الأعياد لدى كثير من الأسر التي تحبذ السمر في أحضان الطبيعة، هروبا من درجات الحرارة وكسرا للروتين اليومي والبقاء حبيسي البيوت… كان المواطنون يرتادون متنزه الزوراء بشوق ولهفة ، ومعهم ما أعدوه من أكلات منزلية لتناولها بأجواء رحبة، حيث المساحة اكبر للهو ولعب الأطفال.. تذكرتُ تلك الايام التي رافقت افتتاح المتنزه في سبعينيات القرن المنصرم ، حيث اعتمد القائمون عليه وقتئذ ، على طريقة او نظام الهندسة الحرة في تصاميمه ، وتمنيت على محدثي ، العودة الى العمل على وفق ذلك النظام ، حيث أدخل مهندسو الحدائق في امانة بغداد ، بإمكاناتهم المالية والتقنية البسيطة ، الكثير من المواد في التصميم والإنشاء للحدائق مثل الخشب والخرسانة والمعادن والزجاج وعملوا لها أشكالاً جميلة لا زالت في المخيلة رغم عقود الزمن .يبقى سؤالي قائماً : لم ، لا نعود الى البساطة ، اليس الطبيعة هي رمز البساطة ؟