تتعدد الأعراق والأديان والطوائف والتوجهات السياسية في المجتمعات العربية، وتتباين مواقف مواطني هذه المجتمعات، كما هو الحال في الكثير من المجتمعات في مناطق أخرى من العالم، تجاه مجموعة واسعة من القضايا السياسية والدينية والاجتماعية، ومن بينها المواقف من العلاقات والاختيارات الجنسية للأفراد، بما في ذلك المواقف من الجنسية المثلية والمتحولين جنسيا.
وسواء بالنسبة لمن يرفض العلاقات المثلية تماما، ويتحفظ كثيرا على المتحولين جنسيا، أو من يقبل، بدرجات متفاوتة المثليين والمتحولين جنسيا، تظل الحقيقة أن هذه الفئات موجودة في المجتمعات العربية، وأنه لابد من وجود تشريعات للتعامل مع هذه التوجهات، سواء بالرفض أو القبول، وطريقة لتعامل المجتمعات معهم.
وعن التشريعات التي تتعامل مع هذه التوجهات، تقول نيفين معرفي، المحامية أمام محكمة التمييز والدستورية في الكويت، إن الحفاظ على الكرامة الإنسانية هو هدف أساسي للدساتير والقوانين، وبالتالي من غير المقبول تعرض أي فرد للاعتداء أو الإيذاء أو العنصرية بسبب مواقفه وآراءه، ولكن في ذات الوقت لا يمكن أن تقبل الدول التي تستند تشريعات الاحوال الشخصية فيها الى الشريعة الاسلامية، ومن بينها أغلب الدول العربية، فكرة الزواج بين المثليين، أو الإعتراف بحقوق المثليين، لأن هذا يتنافى تماما مع الشريعة الإسلامية. وتضيف معرفي “أي علاقة داخل الأبواب المغلقة لا علاقة لا أحد بها، ولكن الخروج بهذه العلاقة إلى العلن يعني أنها ستكون تحت طائلة القانون. وهذا ينطبق على العلاقات المثلية. لا علاقة لا أحد بها إذا كانت غير معلنة، ولكن الاعتراف بها علنا يعني مواجهة التشريعات والقوانين التي ترفضها، ومواجهة التقاليد التي تدينها، خاصة في مجتمعات محافظة مثل المجتمعات الخليجية”.
غير أن رانيا ، الناشطة الحقوقية، والتي سبق أن أعلنت صراحة على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي أنها مثلية الجنس، تنظر للأمر بشكل مختلف، وترى أن حريتها في إقامة علاقة مع امرأة أخرى لا تضر المجتمع في شيء ولا تلحق الضرر بالآخرين. ومن ثم، ترى داليا أن المطالبة بأن تظل العلاقات المثلية داخل الابواب المغلقة تمثل ظلما لها من جانب، ولا توفر لها الحماية ممن يرفضونها ويعتدون عليها لفظيا، ويهددونها بالاعتداء الجسدي من جانب آخر. وتضيف داليا، التي تعيش حاليا في أوروبا، أنها لا تستطيع العودة إلى مصر بسبب خوفها من التعرض للاعتداء بكافة أشكاله، وبالتالي تبقى المعضلة، من وجهة نظرها، أن المجتمع يعاقبها ويظلمها لأن اختياراتها الشخصية مختلفة. وفي ذات السياق ، مدير مؤسسة “حلم” في لبنان للدفاع عن حقوق المهمشين، أن العلاقات الجنسية غير النمطية، مثل الميول الجنسية تجاه شخص من ذات النوع، موجودة منذ أن بدأت البشرية، وموجودة في كل المجتمعات العربية، شئنا أم أبينا، ويمثل الأفراد الذين لديهم هذه الميول جزء من نسيج المجتمعات العربية بكافة تنوعاتها العرقية والطائفية، وليسوا دخلاء على هذه المجتمعات، وبالتالي تعرضهم للظلم والايذاء والعنصرية والقمع والاعتقال التعسفي أحيانا هو أمر مرفوض تماما ويجب وقفه بكل الطرق. ويرفض طارق استخدام كلمة “شذوذ” لوصف العلاقات المثلية، ويرى أن الوصف الصحيح هو أنها علاقات غير نمطية.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *