وُلدتُ بالجانب الغربي من النهر
حيث عبور المومياوات للدفن
هناك كل شيء يبدأ بالموت
كأن الحياة مقبرة جماعية لحروبٍ قديمة
عند الجامع الكبير
تلتقي التوابيت
في نسقٍ دائري.
ولدتُ في البلد الآمن
بعيدًا عن المدينة
وخط سير الثورات
بعيدًا عن دواوين ما بعد الحداثة
وتصورات أينشتاين عن الأوتار الفائقة
بين البحر والنهر وقبة الصوفي
حيث حدود العالم في نهاية الحقل
قرص الشمس لنا وحدنا
شطيرة نقتسمها خلف غيطان الذرة.
في البلد الصغير
تُحننُ النساء ضروعَ الزمن
بأصابعَ منتفخة
وأظافرَ نمت عليها الطحالب
يستقبلن شبق النهر
كسحجاتٍ في القلب
وكمن يعزق الجبل بمنجلٍ
كتمن صراخهن
حين انتفخت بطونهن بأحلامٍ صغيرة.
ولدتُ على السطح العالي
المهيأ لخيالات المآته
كنت فزاعةً
أهشُ الحمام عن أرز العائلة
وأراقب العصافير في موسم الهجرة
وأحلم بالهجرةِ على جناح طائرة
تقلني لبلادٍ لا تطل على النهر
ولا عمة الشيخ الخضراء
ولا الأشباح الراقدة في أفران الطين.
ولدتُ في البيت الهش
حيث الجيران أقرب من مد اليد
السقف ينقط أسماكًا على السرائر
الجغرافيا تبدأ من عتبة البيت
الأسرار الليلية جثثٌ نشيعها في الصباح
ونطوف بها في شوارع البلد
من زقاقٍ إلى عطفة
ثم إلى الجامع الكبير.
وكمن يطرد الأشباح عن ظهره
اهتزت غصوننا أمام مائدة الشيخ
حتى تقوست
حفظنا القرآن بالسوط
وازرقت أجسادنا مع كل آية
سامحنا يارب
حفظنا آيات الجحيم قبل الرحمة.
ولدتُ هناك بملامحَ عادية
وبلا عرقٍ سامٍ
أو امتيازٍ يضمن لي الخلود
سوى أنني حاولت المشي مرارًا
على صفحة النهر
_كأولياء الله_
وبخلاف سير الممياوات
عبرت النهر من الغرب إلى الشرق.