يظن كثير من الناس انّ الحزام الأخضر الذي يقي المدن من العواصف الترابية يقع على طول محيط اية مدينة مثل نقاط التفتيش العسكرية ليمنع موجات التراب التي ذاق العراق مرارتها على نحو غير مسبوق.
في البلدان الاوربية، وفي لندن مثلا، هناك تصميم اجباري للعواصم والمدن في ترسيم مساحات البناء بما لا تتجاوز في أية منطقة سكنية ربع أو ثلث أو نصف المساحة الكلية بحسب القوانين المحلية المتاحة. وتكون المساحات المتبقية فضاءات خضراء تضم اشجاراً وأمكنة ومجالات عامة للتنزه وممارسة الرياضة الشخصية للعوائل والمدارس ايضاً.
هذه المساحات الخضراء هي رئات داخلية في انتاج الاوكسجين وتنقية الأجواء وتكون حواجز في العمق لجميع أنواع العواصف التي تجتاح تلك المدن.
في بغداد، كانت هناك غابات من البساتين قبل عقدين تتداخل مع محيط بغداد، وقسم منها كان مشروعا واعدا للنمو في المساحات المتروكة بين منطقة وأخرى في العاصمة، لكن منظر الأشجار المقطوعة، لاسيما التي بقيت جذوعها وبترت رؤوسها، يوحي بأن هناك اتجاهاً اخر نحو زيادة الكتل الاسمنتية في عاصمة لا تتمتع بأية خطط لحماية بيئتها التي من المفترض انها خرجت منذ عقدين من الحرب الكبيرة، وانها لم تقع بيد الإرهاب كمدن ثلث العراق التي استبيحت قبل سنوات .
ضاعت سنوات تلو سنوات، كانت فترة كفيلة بإقامة الاحزمة الخضراء الداخلية والخارجية. كما ان المسطحات المائية التي لا أحد يفكر باستحداثها، على اعتبار ان الوقت غير مناسب في الحديث عنها في السنوات الأخيرة، لقلّة كميات الماء المتدفقة، في حين ان هذا القليل المائي الوارد لا يستغلونه على نحو صحيح، كما لا يتم التعامل مع مياه الامطار بطريقة التجميع بحسب خطط علمية للإفادة في السقي والشرب والتنزه.
لقد ألقوا اللوم كثيرا على دول الجوار التي لن تكترث لحال العراق الذي يبدو مزرياً امامها، ولن تكون مراعية لمصالحه التي فرط اصحابها بها أصلاً منذ سنوات.
دول الجوار جميعها لديها مشكلة مع المياه منذ سنوات وقد ابتكروا لها حلولاً وتعايشوا مع تداعياتها بطريقة الترشيد المنضبط، برغم من انهم لم يتمكنوا من النجاح الكامل، لكنهم ساروا على خطط ستوصلهم الى حلول. فماذا صنعت الحكومات العراقية بدورها؟