العلاقات الجيدة التي ينبغي ان تسود بين العراق وايران، لا بدّ ان تقف بتأمل عند العقبات التاريخية ومنها الحروب وابرزها حرب الثماني سنوات في الثمانينات من القرن الماضي، وهذه الوقفة المتأملة تحتاج الى تأسيس جديد في الصلات والوشائج بين دولتين تحتاجان الى توقيع معاهدة سلام وعدم اعتداء، فما هو قائم منذ نهاية الحرب العراقية الإيرانية انما هو مجرد تطبيع فيه محطات عالية وأخرى منخفضة، وذلك لا يرقى الى العلاقة الصحيحة المستقرة والمستمرة.
لا يمكن اختصار حرب دامت ثماني سنوات بكلام ساذج وتعبوي ودعائي تلوكه بعض أحزاب السلطة منذ كانت في المعارضة المولودة في حضن ايران في انها حرب عبثية أحادية، وليست عبثية ثنائية.
طي صفحة الماضي المرير والدموي بين الدول، يجري وفق القانون الدولي والاتفاقات الدائمة التي توثقها الامم المتحدة ويكون مجلس الأمن الدولي على مسافة قريبة منها. كما يجب ان تراعي دول جوار العراق وإيران المعاهدات بينهما واستحقاقاتها في كل المواقف ازاءهما.
حاجة البلدين المتبادلة الى التعاون في ملفات كثيرة تزداد مع الأيام، لكنها ليست هبة موسمية تنتج عن حكومات ذات تمثيل سياسي قريب من طهران، وانما هي مسألة أبعد وأعمق من ذلك، ولابدّ ان تحاط بضمانات لترسيخ علاقات سلام ثابتة، لا تختل بفعل أزمات دبلوماسية صغيرة وعثرات انفرادية طارئة .
ثمة حاجة أكيدة تكون كفيلة لسلام الاجيال من أجل وضع أسس جامعة مانعة تقرها معاهدة عدم اعتداء وسلام ، تتمثل خلاصتها في ان وثيقة أنّ الحرب بين البلدين هي الخط الأحمر الذي لا يمكن الوصول اليه وتجاوزه، مهما حدثت من أزمات سياسية او اقتصادية او إقليمية بين البلدين.
ايران والعراق امام مفترق طرق في السياق التاريخي، والبلدان يواجهان أزمات ظاهرة ومكتومة وبعضها مشترك ومتجانس، وانّ الطريق امامهما ليس متاحا لهما فقط ، إذ تزدحم فيه الأصابع الخفية والعلنية، لذلك تقتضي الضرورات قيام معاهدة تاريخية بين البلدين، وسوى ذلك ، يجعل الاحتمالات مفتوحة على المجهول ، مهما كانت الجهود الفردية والحكومية كبيرة لتعزيز العلاقات