– مع إعلان خروج أخر جندي أمريكي محتل من العراق أواخر العام 2011.. اعتبر العراق من قبل القابضين على السلطة إنه أصبح بلداً مستقلاً وذا (سيادة)
– لكن الحقيقة إن كل دول الجوار تنهش به.. وتسيًرهُ حسب ما تشاء برضا القائمين على الحكم.. أم بعدم رضاهم.. وللولايات المتحدة الأمريكية المساحة الأكبر في فرض إرادتها على الكتل السياسية.. فالسفارة الأمريكية.. هي صاحبة اليد الطولى والموجه.. بل الآمر للسياسة في العراق.. كما أعادت أمريكا قواعدها العسكرية.. تحت يافطة التدريب العسكري والاستشارة
– وخلال دورتين انتخابيتين (2006 ـ 2010) تم إدارة العراق بشكل لا ينم عن تطبيق القوانين النافذة بشكل مهني ونزيه.. ولم تعرف العدالة طريقاً لها في العراق.. فقد شَرعَ رئيس مجلس الوزراء (نوري المالكي).. وحاشيته الى تأسيس منظومة قائمة على عقلية التسلط
– عززتها اندلاع الحرب الطائفية العام 2006 التي كانت تؤجج من قبل الإرهابيين.. ومن الكتل السياسية الحاكمة على حد سواء
ـ وكان قمع المواطنين يجري بطرق مبتكرة.. فكان يتم اعتقال وتعذيب المواطن البسيط على الشبهات.. وتشابه الأسماء.. والمخبر السري.. أو انه يسكن منطقة بعينها.. أو موظف بسيط يخطأ في اجتهاد
– بينما الحيتان الكبيرة من السراق والقتلة فلم يسجن منهم أحداً.. أو يحقق معه.. وتغلق ملفات فسادهم بجرة قلم
– أما عمليات خطف المواطنين وابتزاز عوائلهم ومن ثمَ قتلهم.. فقد أصبحت حالة اعتيادية.. فكانت تكتشف (4 ـ 5) جثث يومياً في بغداد لمجهولي الهوية.. وهي حالة لا تقتصر على بغداد بل على معظم محافظات الوسط والجنوب
– أما المجرمون والإرهابيون فيتم هروبهم.. أو تهريبهم من السجون المؤمنة تماماً.. وأمام أنظار الأجهزة الأمنية.. او يقدمون هدية من قبل مسؤولي النظام الى دولهم.. ليعودوا ويقومون بعمليات تفجير في العراق
-كما كانت تجري أكبر عمليات سطو مسلح وسرقة في وضح النهار.. لمحلات الصاغة والصيارفة.. والمصارف.. ورواتب الموظفين.. ومحلات وبيوت الاغنياء.. وبشكل متكرر.. لتسجل ضد مجهول
– كما كانت الحرائق شبه يومية تندلع في أقسام العقود في الوزارات والمؤسسات الحكومية.. لإحراق العقود الاصلية للوزارات.. تحت يافطة: تماس كهربائي
– ونهب ثروات العراق.. وتجويع الشعب.. أصبحت في ظل ولاية رئيس مجلس الوزراء الثانية تعج بالخراب.. والموت.. والإرهاب
– فيما ظهرت طبقة ممن لم يكونوا ليملكوا عقاراً واحداً حتى العام 2003.. ليصبحوا خلال سنوات قليلة من المليونيرة أو المليارديرين
– لم يكن الفرقاء السياسيون على وئام.. فكانت كل الكتل باستثناء كتلة المالكي في جبهة.. واتخذًت هذه الكتل من سياسة الانسحابات من مجلس الوزراء ومجلس النواب.. سلوكاً لعرقلة أعمال الحكومة.. وعرقلة مشاريع القوانين كأسلوب لإسقاط رئيس الوزراء
– هذه الممارسات منحت رئيس الوزراء (المالكي) مساحة كبيرة لتشديد قبضته على السلطة.. وفي السيطرة على كل مؤسسات الدولة.. من خلال التعيينات للمناصب العليا بصيغة الوكالة: وكلاء الوزارات.. والدرجات الخاصة.. والمدراء العامون.. وقادة الجيش.. وغيرهم
ـ كما أدت المناكفات بين كل الكتل السياسية الكبيرة من جهة.. ورئيس الوزراء وكتلته من جهة أخرى.. الى تعطيل عمل مجلس الوزراء.. وأنهت مبدأ التوازن والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.. لتصل الى القطيعة
– بالمقابل انطلقت الاعتصامات في محافظة الانبار احت شعار (قادمون يا بغداد).. شارك فيها وجوه البلد خاصة من الانبار.. وحتى وزراء المالكي من السنة شارك فيها.. والذين استقالوا من وزاراتهم!
ـ إن كل الكتل السياسية ورئيس الوزراء وكتلته لم يضعوا مصلحة الوطن والشعب كأساس لحل أية مشكلة.. بل كانـت جميع الكتل بلا استثناء تحاول تعقيد المشاكل.. وخلق مشاكل جديدة.. فحدث الطلاق بين كل الكتل من جهة.. وبين المالكي والكثير من كتلته من جهة أخرى
– مما انعكسً سلباً على الوضع العام في البلاد.. فساهمت كل الكتل بلا استثناء في دمار العراق وخرابه.. واغتصاب داعش لثلث العراق.. ونتائج هذا الاغتصاب المأساوية
ـ كما جرت أكبر عمليات شراء الأصوات وتزوير الانتخابات النيابية لولاية ثالثة.. واتخاذ كل الإجراءات لتنصيب رئيس مجلس الوزراء (نوري المالكي) زعيماً أوحداً.. بقوة المال والتهديد وإرهاب الآخر.. في توجه جديد لإقامة: دكتاتورية جديدة
ـ بالمقابل اشترطت أمريكا استقالة المالكي من رئاسة الحكومة كشرط للمساهمة في محاربة داعش ودعم العراق.. سبقه رفض تام لولاية ثالثة للمالكي من قبل الكتل الكردستانية.. والكتل الشيعية والكتل السنية على حد سواء.. مما أفشل عملية التنصيب
– وواجه العراق مخلفات التركة الثقيلة لصدام.. وتركة مرحلة ما بعد صدام.. وهي الأخطر في تاريخ العراق المعاصر.. فقد شرعن
ـ الفساد بكل أشكاله : عمولات.. تهريب النفط،.. غسيل أموال.. رشاوى.. بيع المناصب.. شهادات مزررة.. مشاريع وهمية.. الاستيلاء على عقارات الدولة.. وعلى عقارات قادة ومسؤولي النظام السابق.. وعلى مقرات حزب البعث.. لتسجل معظمها بأسماء قادة ومسؤولي الكتل الجديدة
ـ وتسلطً على العراق مجموعة من الأغبياء واللصوص يديرون معظم مؤسساته ومحافظاته.. وجيش من الفضائيين في كل مؤسسات الدولة (المدنية والعسكرية).. معززين بميليشيات وحمايات.. بعضها قتلة ومجرمين
ـ اغتصاب داعش ل (30%) من العراق (أرضاً.. ومياهً.. وسلاحاً.. ونفطاً.. وبنى تحتية.. ومواطنين.. وإدارة).. وحرب استنزاف كبرى طويلة الأمد في الحسابات التقليدية.. في أربع محافظات عراقية قابلة للتمدد
ـ وأكثر من ثلاثة ملايين نازح موزعين في كل مدن العراق قابلة للزيادة.. وتدمير شامل للبنى التحتية.. وأكثر من مليون شاب عراقي ترك العراق الى المجهول
ـ وظهور وتوسع بشكل كبير جداً للعشوائيات وبيوت الصفيح.. والعيش على القمامة.. وتضاعف بشكل مخيف في نسبة الفقر في العراق.. والعيش تحت خط الفقر.. وتزايد جرائم الاغتصاب.. وتجارة المخدرات.. وتجارة الأعضاء البشرية.. وتضاعفت نسب التسرب من المدارس بشكل لا يصدق
ـ ووصلت حالات تزوير الوثائق والشهادات الدراسية لدرجة لم تعد تعرف الوثائق المزورة من الصحيحة.. ولم تتخذ السلطتين التنفيذية والقضائية أية إجراءات رادعة تجاهها.. بل صدر تعميم من حكومة المالكي بالتريث وعدم معاقبة المزورين.. فاستفحلت الحالة
ـ أخيراَ في نهاية العام 2014 كانت الخزينة خاوية.. بل مدينة 15 مليار دولار لشركات النفط الأجنبية العاملة في العراق.. إضافة الى زيادة تخصيصات إقليم كردستان من خلال دفع رواتب قوات البيشمركة.. بل واستحواذ كردستان على نفط الإقليم ونفط كركوك.. وسيطرة الاقليم الفعلية على كل المناطق المتنازع عليها بقوة السلاح
__________________
ملاحظة) : انتظرونا في الحلقة الثالثة.. (عراق ما بعد داعش .. الطريق الى التقسيم.. والحروب الداخلية