مع التطورات الأخيرة في الموقف الأوربي من قضية فرض حظر على استيراد النفط الروسي بسبب تدخله في اوكرانيا فإن اسعار النفط قد تشهد ارتفاعا كبيرا يقترب من ١٥٠ $/ برميل، خاصة مع إصرار روسيا على بيع كافة صادراتها الى الدول (المعادية) بالعملة الروسية الروبل، وهو ما قد يدفع بدول الاتحاد الأوروبي الى البحث عن بدائل لبقاء الحياة الاقتصادية تسير بصورة طبيعية.
العراق واحد من البدائل المطروحة لهذه البلدان، لكن المشكلة ليست في الصادرات ولا في قدرة العراق على زيادة طاقته الإنتاجية والتصديرية في نفس الوقت من النفط، بل ان المشكلة التي يعاني منها الاقتصاد العراقي هي عدم قدرته على توظيف هذه العائدات بصورة صحيحة لتنشيط بقية الاقتصادات الحقيقية خاصة مع الوفرة المالية المتحققة والتي ستتحقق في الفترة القادمة مع العرض بأن إحتمالات إستمرار الأزمة الروسية الأوكرانية قائمة حتى نهاية عام ٢٠٢٣.
السبب في عدم قدرة الحكومة العراقية على توظيف هذه العوائد يكمن في ضعف المخطط الإداري من معرفة أولويات تنشيط هذه القطاعات، بمعنى في اي القطاعات الاقتصادية يبدأ للنهوض بالتالي في الإقتصاد العراقي ككل، من ثم يضيع عليه الوقت والجهد والمال وهو يفكر بتحديد هذه الأولويات، مع أن الموضوع بسيط جدا؛ حيث أن على المخطط الإداري البدء اولا بالقطاع الزراعي لأنه إبتداءاً يمثل سلة الغذاء للمواطن وطالما قمت بتأمين الغذاء له فأنت كمن قام بتأمين خط الدفاع الأهم بالنسبة للعائلة، ثم ان القطاع الزراعي يستوعب أعداد كبيرة من الأيدي العاملة وهو بذلك يساهم في سحب جزء كبير من البطالة التي يعاني منها الإقتصاد العراقي، ناهيك عن أن الزراعة تعمل على إيقاف التصحر والزحف على المناطق الزراعية.
من خلال ما تقدم وبالنظر الى ان تنشيط القطاع الزراعي سوف يساهم في زيادة الانتاج من المحاصيل الزراعية سيكون هناك فائض تحتاج الى ان يقوم المخطط الإداري بتنشيط القطاع الصناعي الذي له ارتباط بهذه الوفرة بالإضافة الى تنشيط قطاع الصناعات التحويلية، وبذلك نكون قد استفدنا كثيرا من هذه الوفرة من خلال القضاء على البطالة وتأمين الغذاء ودعم البطاقة التموينية ناهيك عن عدم تسرب العملة الاجنبية الى الخارج والتي في الغالب تكون لإستيرادات عشوائية لا تقدم شيء للاقتصاد بقدر ما هو تهريب للعملة.