كانت فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي هي الفترة الذهبية حيث كان ذلك الجيل مغرما بالثقافة ومرافقة الكتاب .. جيل له التزاماته وسلوكه ؛ يشتري الغالي ويهجر الرخيص ، وفيا نقيا صادقا : لم تلوثه اغراءات الحضارة بل ظل متمسكا بالأصالة ؛ اما جيل اليوم فقد تبددت فيه كل هذه المعالم ومعها السلوكيات ..جيل ضائع يقلد كل ما هو غث ويهجر السمين ؛ راكضا وراء اهواء ومنزلقات خطيرة ..لا يكاد يفقه من التراث والأصالة شيئا ..هو يعيش الهوس والفوضى..يتقبلها برحابة صدر ؛ ليست له خطوات ثابتة بل مترددة حائرة ضائعة ؛ تفككت الأسرة ولم تعد للأب تلك السلطة الرادعة التي كان عليها من قبل ازاء أبنائه أما الأم فقد لازمت الصمت وكأن الأمر لم يعد يعنيها بعد أن كانت حريصة على الأخذ بيد أبنائها الى الغد المشرق ؛ في وقت راح الوطن يترنح تحت ضربات الفساد التي يقف وراءها من تبوا السلطة وجلس على الكرسي اللعين . وقد افرزت السنوات الأخيرة تغييرات سريعة لم نكن نتوقعها افقدت هذا الجيل توازنه فراح يركض وراءها مغمض العينين مسلوب الارادة . ومع هذا وذاك فثمة قلة قليلة ظلت متماسكة ؛ ترى في الأصالة عنوانا لها وانتماء ؛ لم تنحدر الى القاع ولم تتردد خطواتها..ترى في الموروث الذي تلقته من الأسرة ما يعزز لها ما تتمناه وتسعد به ..انه النقاء والبهاء والجمال .