يقول المثل الشعبي ” الحياء قطرة اذا سقطت، سقطت معها القيم”

فلا حدود و خطوط حمراء بعد انعدام القيم والاخلاق . لذا يقال “ان كنت لا تستحي فافعل ما شئت” .

الحياء معيار اخلاقي ، ومؤشر للآدمية ، يضبط ايقاع حركة الانسان في المجتمع ، وهو يختلف من مجتمع الى اخر ، لكن تبقى هناك قيَّم اخلاقية مشتركة بين البشر ، هذه القيَّم والمعايير تنعكس في السلوك الانساني، وفي كل المجالات. في التجارة والمجتمع والوظيفة والسياسة وغيرها .

وما دامت السياسة وانعكاساتها تشغل حيزاً كبيراً من حياتنا،فان الحياء سيكون مرتكزاً اساسياً كمعيار لقياس حركة السياسيين .

وحينما نرى او نسمع ان سياسياً غربياً استقال هنا واخرَ هناك لسبب قد يكون تافهاً او بسيطاً ، فهذا سببه الحياء، ولربما سمعنا ان وزيراً بريطانياً استقال لانه تأخر عن موعد الاجتماع 10 دقائق ، واخر استقال لان كاميرات المراقبة ضبطته وهو يغازل صديقته، ففي معايير الاخلاق يعتبر هذا عدم احترام للوظيفة وتجاوز على قواعد الحياء، وهكذا بقية الامثال في ارض الواسعة المحترمة .

ويبدو ان ان قطرة الحياء قد سقطت من بعض سياسيينا ، اذ اصبحت السرقة والفساد والاستهتار صفات طبيعية، لا يحاسب عليها القانون ، ولا يستهجنها الناس .

فالفساد ليس مانعاً من استلام منصباً حكومياً ، كما ان السرقة أمراً ثانوياً لا تعرقل ترشيحك لاعلى المناصب في الدولة.

أما الشرف والنزاهة فهما ترف لا حاجة لك به، هكذا يلقن السياسي نفسه ويختزن ذلك في العقل الباطن .

ولربما تعدى الامر ابعد من ذلك، حينما تستهين بارواح الناس ولا تبالي وتتجاوز كل الحدود في توزيع السيادة، واهدار الثروات .

ما يحدث في العراق اليوم خرقَ كل المعايير ، وافسَدَ كل القيَّم ، وانعكس ذلك في كل المجالات .

فقد نعى البعض موت الاخلاق، وراح العراقيون يرددون بيت الشعر العربي الشهير ” لا حياة لمن تنادي ” . بعد ان ايقنوا ان المصيبةَ أعظم .

انتظروا الامل ، و تفائلوا في المستقبل ،وحلموا بغدٍ اجمل لاجيالهم، لكن الواقع صدمهم، فهناك من وثقوا به قد سقطت قطرة الحياء من على جبينه، ولا تعنيه معاناة الناس، ولا انتشار الاطفال في تقاطعات الطرق لبيع المناديل او لمسح زجاج سيارات المترفين من اجل فتات الدنانير ، ولا حتى زيادة اعداد المتسولين الذين يجوبون الشوارع والاماكن العامة ، وهم في بلد يسمعون كل يوم عن تعاظم انتاجه النفطي ، وارتفاع اسعار براميله. كما يشاهدون السيارات الفارهة يمتطيها اثرياء المواسم السياسية.

في بلدٍ تزداد فيه معدلات الانتحار والجريمة، والعنف العائلي، ولعل المسؤولون لا يعلمون ان سجلات الطب العدلي امتلأت بقتلى جرائم الشرف وزنا المحارم، والمخدرات .

كل التقارير تشير الى تنامي ظاهرة تعاطي المخدرات بين الشباب ، وعلى مسمع ومرأى الحكومة لكنها لا تحرك ساكنا ولا تقوم باي فعل جاد، سوى تصريحات فارغة واستعراضات بائسة.

ويبدو ان ما يهم هو الوصول الى اسقاط قطرة الحياء، للبدء بنقطة شروع جديدة لحياة خالية من القيم والحدود الاخلاقية .

نعم انها القطرة التي سقطت و سقط معها شيء

ورحم الله احمد شوقي

“انما الامم الاخلاق ما بقيت

فان همُ ذهبت اخلاقهم ذهبوا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *