الإنسحاب الذي كان متوقعا من قبل نواب السيد مقتدى الصدر في البرلمان العراقي هو كما نراه هجوما ذكيا من قبل السيد الصدر لوضع الاطار التسيقي والقوى المعارضة لفوز الكتلة الصدرية بأعلى الأصوات في النتخابات المبكرة التي جرت في تشرين الأول من العام الماضي والتي جرت استجابة لمطالب الشارع العراقي الصائر ضد العملية السياسية برمتها في العراق وضد الفساد المستشري في العراق واستقالة حكومة عادل عبد المهدي وتشكيل حكومة جديدة برئاسة الكاظمي بعدها .
لكن ، وبعد ظهور وتصاعد أصوات معارضة لنتائج الانتخابات من قبل قوى واحزاب دينية معروفة تجمعت تحت تسمية ” الإطار التنسيقي ” والذي تم تسميته لاحقا بالثلث المعطل لتشكيل حكومة ما بعد الانتخابات بزعامة التيار الصدري الذي فاز بأعلى الأصوات في تلك الانتخابات ، تبينت للشارع العراقي بأن جماعة الاطار يريدون العودة الى نفس السياقات المحاصصاتية التي تمت بموجبها اختيار كافة حكومات ما بعد عام 2005 والتي رفضها ويرفضها الشعب جملة وتفصيلا وبوجوه تكررت في كل الحكومات تلك والتي أثبتت فشلها المطلق في التعامل مع حاجات الشعب ومطالبه حتى في حدودها الدنيا ، بل صار كل عام يمضي أسوأ خدماتيا وفي كل زوايا الأداء الحكومي من العام الذي سبقه … فصار الثلث المعطل الذي يمثله الاطار التنسيقي هو من يقف بالضد من مسار العملية السياسية المطلوبة التي يصر التيار الصدري على ان تكون الحكومة الجديدة ممثلة لكل العراقيين الوطنيين مع رفض أن تكون هذه الحكومة شرقية او غربية تتحكم باختياراتها دولا وحكومات خارجية اعتادت ان لا تمر اي حكومة عراقية لما بعد الاحتلال الا من تحت خيمتهم !!
لقد منح الصدر عدة مبادرات سواءا للإطار التنسيقي او المستقلين من لنواب لتشكيل الحكومة الجديدة ولكنهم فشلوا جميعا في تشكيلها وفشلوا حتى في عقد جلسة اختيار رئيس الجمهورية وهم مصرون على أن يبقى الانسداد السياسي على ماهو عليه اليوم ليتمكنوا من تنفيذ هدفهم في تشكيل حكومة محاصصة وبنفس الوجوه والاسماء التي سببت تخلف العراق في كل مجالات الحياة في العراق وفي تنفيذ دقيق لأجندات أملتها عليهم قوى خارجية متنفذة في العراق …
نعتقد بأن انسحاب التيار الصدري من مجلس النواب قد أصبح واقع حال ، وأن القادم من الايام سوف يحمل الكثير من المفاجآت والمواقف وأولها بأن الاطار التنسيقي سوف لن ينجح في تشكيل حكومة جديدة إذا ما أصرت قوى التحالف الثلاثي على موقفها الرافض لتتصدر المشهد السياسي خاصة وأن الكثير من المشاكل قد فرضت نفسها بين أطراف التحالف وبين الإطار … لذلك نقول بأن استقالة التيار الصدري من البرلمان هو وانسحابهم من لعملية السياسية هي حالة هجوم على الاطراف المناوئة للتيار والذي وضعهم في زاوية حرجة والتيار هو من يمتلك ورقة الضغط الشعبي القوي ضد أية حكومة سيتم تشكيلها بعيدا عن التيار الصدري والعودة الى مربع المحاصصة … أي أن تغريدة صغيرة من مقتدى الصدر لاتباعه وللشباب التشريني الرافض للعملية السياسية برمتها سوف يلهب الشارع العراقي ضد كل النظام السياسي الحالي بوجوهه وقباداته المعروفة التي فشلت فشلا ذريعا في اصلاح وترميم ومعالجة كل الدمار الذي لحق بالعراق والعراقيين طيلة ما يقارب العقدين من الزمن … وبذلك يمكن أن نقول بأن مستقبل العراق في الفترة القصيرة القادمة صارت على كف عفريت ان لم يسارع عقلاء القوم الى ايجاد حل لهذه المعضلة والانسداد السياسي المقصود بهدف وضع العراق في مفترق طرق خطير ندعوا الله أن يجنبنا مساوئه.