المقهى بالفصحى او الگهوه بالعامية موقع يلتقي او يتجمع به أبناء المحلة او المنطقة او القرية بعيدا عن الاجواء العائلية يتسامرون ويتبادلون الحكايات وبفترة قبل ظهور التلفاز كان يتصدر المقهى روزخون او قارى قصة او حكاية او عضة ليحكي ويوعض ليستمتع الحضور ويزداد افقهم المعرفي .
المقهى استمر بعمله ولكنه تطور فاصبح موقع لالتقاء النخب لتبادل مختلف الافكار التنويرية دين سياسة ثقافة اجتماع صحافة واستمر بعمله حتى بعد دخول التلفاز كمنبر اعلامي يصل من خلاله من يرتاد المقهى للاخبار العامة السياسية والرياضية والاجتماعية .
المقهى ما زال يتجدد فهناك من ينظر للامر على انه تراث والاخر ضرورة والاخر ترفيه فتنوعت واتسع افق المقاهي وتغيرت في بعض الاحيان اسمها لتصبح كوفي مثلا وهكذا .
المقهى كان بفترة منبر سياسي بامتياز ايضا فالعديد من المهتمين بالشان السياسي يلتقون للتباحث وطرح الافكار والرؤى ويتشارك معهم من ليس شان بالسياسة والسياسين لكن الحرص على الوطن والروح الوطنية وحب الاطلاع احيانا يحتم عليهم تنوير عقولهم وعقول الجالسين بعيدا من صخب المناقشات نحو قضايا وطنية مهمة مختلفة .
ارتباط السياسة بالمقاهي امتد بالتاريخ الحديث منذ الحقبة العثمانية مرورا بالملكية ثم النظام الجمهوري الممتد من فترة الزعيم وانتهاء بنهاية النظام الجمهوري ورمزه ، عبر هذه الفترات كان تاثير المقاهي حاضر بل نشدد ان عيون النظام كانت تراقب وتسجل كل ما يدور هناك .
الحكومة بفترة من اجل تحفيز واستمرار عمل المقاهي كان هناك هدية لكل مقهى مسجل رسمي ( تلفاز ) بشاشه كبيرة ، ولم تكن هدية بسيطة حيث مبلغ شراء ( سعر ) التلفاز يعادل او يماثل سعر شراء دار سكن .
المقاهي بالنسبة للحكومات
ويجب الاعتراف بذلك انها ذات فوائد بكل زمان فهي نبض الشارع والمواطن كما يردد ومصدر للمعلومة .
بعد ٢٠٠٣ تغير شكل المقهى وتسمياتها لكن بقيت السياسة تجول بأرجائها بلا رقيب .
لابد من الاشارة ان خدمة الانترنت اصبحت جزء لا يتجزء من الخدمات العامة المضافة لمرتادي المقاهي .
المقاهي اليوم كالبحر الهائج الذي تتلاطم فيه الامواج المعرفية العاتية الانترنت بسعة افقه والتقنيات الحديثه والهواتف الذكيه والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة التي هي الان أجزاء من الصراع الحضاري ، صراع الصحف بالاصدارات الورقية وبين الالكترونيه حاضر وخصوصا السياسيه .
النقاشات السياسية والرياضية برغم كل الحداثة كانت حاضرة بشكل مباشر من خلال المقاهي بكل مسمياتها الحديثه او غيرها من مواقع التواصل .
مربط الفرس كما يُشاع هناك هم كبير اسمه الوطن نتفق نختلف هذه حرية شخصية وقناعات اما الوطن وخصوصا لمن ليس له سوى هذا الوطن امر مختلف فهو غير قابل للنقاش ويعلو على كل المسميات والنقاشات فالعمل التجاري والاقتصادي هناك ربح وخسارة ورضا وامتعاض ، اما الوطن يمثل مستقبل متجدد ، امتداد من الماضي مرورا بالحاضر وصولا للمستقبل كما نردد من اسلافنا الى احفادنا رسالة مستمرة والتفاصيل السياسية جزء متصل بقوة بالواقع .
اذن السياسية جزء فاعل ومؤثر بالواقع وخصوصا عندما اصبح بتماس مع الوطن والمواطن بكل تفاصيل حياته .
بزمن بعيد نسبيا كان المواطن
يجلس بالمقاهي ويستمع وينظر للوضع السياسي لكنه غير متاثر بحياته العامة لا ماديا ولا معنويا .
اليوم السياسيه جزء من حياة المواطن والاستقرار السياسي هو صمام الامان للمضي بالحياة العامة للمواطن بظل تجاذب محلي اقليمي دولي واضح .
لذا اصبح الجميع يتحدث بالسياسة لا من باب قضاء وقت فراغ ولا من باب الاهتمام بالسياسة والسياسين بقدر ما هو محاولة خروج من عنق الزجاجة لحياته ، استقرار الحاله الاقتصادية والمعنوية للبلد والمواطن مرآة للاستقرار السياسي .
منذ التغيير الى اليوم اقحم المواطن البسيط بالعملية السياسية دون طموح سياسي لكنه يطمح بالاستقرار .
ختاما لمن يهمه حياة المواطن البسيط ، الاستقرار السياسي طريق لاستقرار كل مناحي الحياة ، والاستقرار السياسي اساسه التوافق والاتفاق على ان يكون الوطن والمواطن الشاغل الاعظم لا المطامح السياسيه الخاصة .
كانت الأنظمة السابقة تنظر نبض الشارع من خلال المقاهي وكتابات الصحف ، أما اليوم فيكفي زياره بسيطة بهاتف بسيط لمواقع التواصل المختلفة والمدونات لتجد الكم الكبير من المعاناة المقترن بالحلول والتقييم والتقويم والنقد البناء مجانا دون لجان ومستشارين وحاشية وحمايات وهاجس امني .
ختاما يكتب دستوريا ان الشعب مصدر السلطات ، فنكملها لكن بدون سلطة سوى الكلمة برسالة يتمنى ان يوصلها من المقاهي او اي قناة اتصال لمن بيده القرار :
اتفقوا وتوافقوا على حب الوطن والمواطن البسيط فهو اثركم الباقي وسجلكم الذي تفخرون به ويفخر به من تكنى باسمكم بعد زوال الاسماء والشخوص .
تقديري واعتزازي