حين شاهدته يلعب كرة القدم بساق خشبية في وسط ساحة مليئة بالنفايات قلت لنفسي يالها من مأساة.فالطفل عبد الرحمن بلا ساق، ويلعب وسط الازبال.ان مشكلته مركبة كما يقال.بالنسبة للاكفال الاخرين قد يشكون من عدم وجود ساحة تليق بهم لكن القضية تختلف عن ذلك الطفل النحيل البريء الذي يحلم بساق المانية كي يحس بانه يقف على قدمين، ويلعب بحرية اكبر.
في السياسة عندنا ينجح مفهوم واحد لا غير:اجعل قلبك من صخر لكي تكون سياسيا ناجحا.اذا كان قلبك عاطفيا فلن تبقى في السلطة، بل لا يمكن ان تنام ليلة واحدة.
يطبق السياسي هذه الحكمة وكأنها حبة فاليوم لا يستغني عنها.انه يتعامل مع نشرات الاخبار وكأنها لا تخصه.ما يقال ويعرض من جرائم، وسرقات، وتعذيب يومي للطفولة وعبد الرحمن مثلا جيدا للبؤس لا يجب ان يحرك في السياسي اي انفعال.لا بد ان يبقى هادئا ويبرر كل ما يحدث لان السياسة تهتم بالقضايا المصيرية لا الحوادث الفردية التي تحدث في العالم كله.
يترفع رجل السلطة عن الانتباه لحالة طفل ينام في الشارع او يحلم بساق المانية الصنع لان الساق المزيفة غير الاصلية تعرضه لمضاعفات صحية.
رد الفعل السياسي جاهز، اذ سرعان ما تنتهي النشرة لينسى السياسي ما شاهده.يفكر في مصير اكبر من طموح عبد الرحمن، ويضع راسه على الوسادة كطفل بريء لم يرتكب اي خطأ.
اظن اننا بحاجة الى سياسي يتمتع بضعف انساني ازاء مشاهد الالم والمرض.بنعمة الله اننا نمتلك طاقما يفكر في السياسة كصراع لا ينتهي، وفي خضم الصراع بين المتنافسين الكبار تضيع صرخة الطفل عبد الرحمن في وادي يأسه الذي يرجع اليه صدى صوته ليس الا.