بعد رحلة ستين عام عاشها مع الوسط الرياضي عامة والكروي خاصة غادرنا الى مثواه الأخير الأستاذ الفقيد مؤيد البدري رحمه الله بعد ان شغل اغلب أوساط المجتمع لاكثر من ثلاثة عقود مفعمة لم تقتصر على الرياضيين اذ كان برنامجه الشهير ( الرياضة في الأسبوع ) اكثر من كونه مجرد برنامج رياضي.. بقدر ما شكله ومثله من مائدة إعلامية وسهرة شبابية اجتماعية تنشد اليها اغلب شغاف العراقيين .. صحيح ان برنامجه وشاشته كانت وحيدة آنذاك وتمثل فسحة نادرة الا ان الرجل استطاع ان يقدمه بأسلوب سلس ممتع يعشقه ويفهمه ويتابعه وتتفاعل معه اغلب الأوساط ولمختلف المستويات حتى غير الرياضية .. لدرجة ان الأجيال ما زالت تتذوق وتتذكر عبق تلك الحلقات باسى وحسرة مع مع علمهم ان الزمن تغير وانه لن يعود الى الوراء مرتين ابدا !!
في عام 1991 وتحديدا بعد تدمير العراق تحت عنوان تحرير الكويت وبقاء النظام وفرض حصار ظالم وطويل انهك الشعب تحديدا .. طالت الكثير من التغييرات على الواقع العراقي ومنه الرياضي الذي شهد تقرب السلطة الى منفذ الرياضة وواجهتها ليكون بوابة واضحة للمسك على قبضة الشباب والألعاب الرياضية والراي العام الرياضي بوسعه وتاثيره .. حتى وقع عدد كبير من رموز رياضتنا الذين كتب عليهم الهجرة والعزلة لاسباب مختلفة وظروف شتى .. وهم كثر ولهم رمزية كبيرة وقد انتهى بهم المشوار ان يسكنوا في الغربة بعيدا عن الاهل والاوطان .. وكان منهم الأستاذ البدري الذي اختار الدوحة التي لم يغادرها الا مضطرا للعلاج الطويل الذي انهكه حتى فارق الحياة في اسكتلندا .. اذ لم تسنح له الظروف للعودة لبلده التي فارقه منذ التسعينات لاسباب قاهرة ..
مؤدي البدري خلال مشواره الطويل الممتد لعقود ستة شغل فيها عدة مناصب مهمة منها : رئيسا للاتحاد العراقي وعضوا في الاتحادين الدولي والاسيوي والعربي لكرة القدم ومن ثم أستاذا جامعيا وصحفيا واعلاميا كبيرا فرض نفسه واسلوبه .. وذاع صيته ليمتد الى اصقاع الوطن العربي ودول إقليمية أخرى .. لم تسجل على البدري خلال مسيرته المعبقة بالعمل والاخلاص المهني والنزاهة .. أي ملاحظة طائفية مقيتة ولا حزبية ولا امنية … وقد اكدوا ذلك ممن عاشوا بقربه وتعاملوا معه لسنوات طويلة .. بل انه اصبح طريد للسياسة الأمنية منذ تم الاستغناء عن خدماته والسماح له بالرحيل قسرا مودعا ناسه وجمهوره العريض الذي يتحسر عليه الى اليوم .
قبل أيام رحل الأستاذ والرمز الرياضي الكبير مؤيد البدري الى رحمة ربه الواسعة بعد عمر طويل وسيرة مفعمة كتب له ان يموت في الغربة وفي اسكتلندا تحديدا .. وقد انتشرت الكثير من الشائعات والشبهات التي ليس لها اصل ولا فصل عن اسباب دفنه في بغداد .. وبالرغم من صدور عدد من التصريحات والبيانات المفندة لتلك المزاعم والشائعات مع تأكيد اسرته والمقربين بانه وبسبب مرضه العضال الذي عانى منه طويلا لم يربد أتعاب وشغل اسرته وأولاده اكثر مما عانوه أصلا لذا فضل الدفن هناك وقبل بقسمته ومصيره.. . رحم الله فقيد الرياضة العراقية وكل من ماتوا بالغربة .. ونسال الله ان يمن على كل المهاجرين والمهجرين والمغتربين العودة الى عراق امن مستقر مسالم انه سميع مجيب !

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *