لم يتحدثا عن الحب يوما ولكنه كان يحمل لها في اعماقه حبا كبيرا ؛ وكانت هي من جانبها تبادله هذه المشاعر دون أن تبوح بها. منذ الطفولة جمعهما زقاق واحد ..يلهوان ويلعبان ويذهبان الى المدرسة . شهد الزقاق هذه العلاقة البريئة حتى وهما يكبران دون تجريح من أحد فقد كانا مثالا للعفة والنزاهة . وحينما يلتقيان على سطح الدار لم يكن يفصل بينهما سوى جدار ؛ يحدثها عن كل ما استجد في يومه وعن دراسته وعن تطلعاته وهي تصغي اليه باهتمام ثم لتبادله أطراف الحديث . كانا يقضيان اوقاتا جميلة في أجواء ممتعة وكأن الدنيا لا تسعهما وهما ينظران الى الغد نظرات أمل وتفاؤل . نجح الفتى في دراسته ودخل الجامعة أما الفتاة فقد كادت أن تنهي دراستها الثانوية حينما اجبرها الأب بالبقاء في البيت في انتظار الزوج المنشود ؛ وجاء من يطلب يدها فوافق الأب دون تردد . شعرت الفتاة بطعنة في قلبها فلما التقت بالفتى واخبرته الخبر لاح عليه الوجوم والصمت وكأنه اصيب بردة فعل لم يتوقعها ثم قال أخيرا : كنت انتظر أن أكمل دراستي كي أتقدم لخطبتك ولكن الواقع قلب المعادلة على غير ما نتمناه . قالت له وقد كسا وجهها حزن آسر : أن الأقدار تفرض نفسها وليس باستطاعتنا فعل شيء . وقال لها أخيرا وهو يودعها : كل ما اتمناه أن تكوني سعيدة . فارقته والدموع في عينيها وهي تكاد تجهش أما هو فقد كان في ساعة ذهول وكأن قلبه قد انتزع منه .