في زيارة لأربيل لألقاء محاضرة عن موقف التشريع والقضاء في العراق حول الحقوق الرقمية ومواقع الانترنت ، حصلت على فرصة اللقاء بالأستاذ القاضي ” رحيم العكيلي ” واليه الفضل في تنسيق زيارتي الى مقر مجلس القضاء الاعلى هناك و اللقاء بأبرز اعضاءه وعلى رأسهم السيد القاضي( شوان محي الدين) رئيس الهيئة الجزائية الثانية في محكمة التمييز هناك والقاضي ( رزكار امين ) رئيس هيئة الاحداث في محكمة التمييز ايضا ، ويعلم المختصين في القانون ان الهيئتين المذكورتين تتعامل مع الدعاوى الجزائية الخاصة بمتهمين في قضايا قتل وسرقة وارهاب واغتصاب وبقية الجرائم ، وبالتالي ما موجود في مخيلتي انني سأجدهما متجهمين لا مجال لهم للحديث معنا ومحاولة الحفاظ على خصوصيتهما اكثر كونهما يتعاملان مع قضايا جزائية خطيرة ، واذا بي اجد العكس فقد وجدتهما مثالين في التواضع والعلمية والكفاءة .

اما القاضي شوان محي الدين فهو من تلاميذ الفقيه الراحل (غني حسون طه ) رحمه الله ، وكأن فقيهنا الراحل قد اودع فيه علمه وما عهد عنه من تواضع وكفاءة فكان كريما جدا معي وافاض في كرمه اكثر ان اهداني جزء من مؤلفاته الثمينة وتناولنا الغداء معا في مطعم ” ابوشهاب ” الشهير ، وحرت ماذا اتذوق طيبته ومحاولة الاستثمار الكامل للوقت معه ام سمك اربيل الطازج !

ثم اعادتني ذاكرتي الى ايام الدراسة الاعداديةحينما كنت اتابع عبر التلفاز وقائع محاكمة الرئيس السابق صدام حسين ورجالات نظامه ،  وكنت اتمنى لو ان اراه يقتل ويسحل كرموز العهد الملكي جزاءا لما اجرم اذ كنت لم ادرس القانون بعد ، ولا افهم حقوق وضمانات المتهم في القانون فكنا حاقد عليه آنذاك لأنه يتعامل مع المتهم صدام ورفاقه بمرونة ويسمح لهم بالحديث والاعتراض ، وحينما استفسرت منه عن ذلك اجابني ان ما قمت به هو ضمانات المتهم أيا كان في قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي غير المطبقة اغلبها مع الاسف الشديد. فعلمت كم هو قاض شجاع واجه الاعلام والتفكير الجمعي آنذاك تطبيقا للقانون  انه القاضي الكبير( رزكار محمد امين ).

لن اكون مداحا اذا قلت انني عند لقائي بهاذين العلمين من اعلام القضاء في العراق / كردستان وجدتهما مثالين في العلمية والكفاءة والتواضع والشجاعة فقد كانا يتنقلان معنا دون ابهة الموقع ولا حراسة ولا اجراءات وتعقيدات كانت بساطتهما مثار اعجابنا ومحل اعتزازنا، فهما وزملائهما من مفاخر القضاء في العراق ويستحقان ان يتخذا قدوة واسوة من قبل جميع القضاة فالقاضي عالم عادل تمضي سنوات حكمه وسلطته ولن يبقى سوى مآثره وكتاباته ومواقفه .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *