كان يصعدُ أسطحَ الكلماتِ ويركضُ بخيالٍ مجنونٍ
وقلبٍ طائر،
يمسكهُ السحرُ من اسمهِ
وتلوّحُ لهُ الأمنياتُ السعيدةُ بالمناديل.
..
مرّةً رأى نافذةً كبيرةً
رمى مفاتيحَ الفضةِ والذهبِ من فوق سحابةٍ ونام،
مرّةً لم يجد النافذة،
كتبَ بسمِ الله
ثم رسمَ سهماً في القلب،
ودمعاً أزرق يهدرُ من حمامةٍ مذبوحة.
..
كان يمشي برفقةِ الليلِ
طوالَ الليل،
عندما تصل الشمسُ
وتضعُ وجهَها في وجهِ زهرتهِ،
يغلقُ بابَ التعب
ويفتحُ بابَ الكتاب.
..
في الضحى كان يمسكُ فراشةً حزينةً في غرفةِ القمحِ
ويدغدغُ بطنَها،
في ضحى آخر
كان يداعبُ قطةَ جارهِ الصغيرة،
هي تنظرُ بنشوةٍ ودهشةٍ
وهو يفكُّ أزرارَ فروتِها البرتقالية
ويلمسُ أثداءَها خلفَ البيت.
..
لم يكنْ يشغلهُ عن الموسيقى سوى الموسيقى،
تأخذهُ بريشِ غيابهِ الى الجنة،
ما الجنة؟
كانت ثمة أغنيةٌ محبوسةٌ
في فمِ العَتمةِ تردُّ عليه،
وكان هو يردُّ عليها بحنينٍ يلمع.
..
كلما مرّ ذلك اليوم يقتلهُ الحزنُ،
حين هربَ عارياً الى الحياة،
بينما كلُّ أصدقائهِ ظلوا في الموتِ بملابسهِم العسكرية.
..

مرةً حين عَلُقَ خيطُ جنونهِ بالشِّعرِ ظلَّ عالقاً هناك،
كانت طائرتُهُ الورقية قد عَبُرتْ فوق الطفلِ الذي كانَهُ،
عَبُرتْ فوق نهرٍ من العواطف والأصدقاء،
عَبرتْ فوق ظلِّ العائلة الأبيض الرحيم،
فوق حقلِ أسئلةٍ في الفطنةِ الأولى،
فوق حقلِ ياسمين على فمِ فتاةٍ كان اسمُها ياسمين .
..
مرةً في عرسٍ شعبيٍّ بعيدٍ
ولدتْ ليلتُهُ خمسَ نجماتٍ لعينيه،
نجمة خضراء مقابل كلِّ أمل.

مرةً في شارعٍ شعبيٍّ قريبٍ
كان ثمة قاتلٌ
تشعُّ في عقلهِ خمسةُ دنانير حمراء
مقابل كلِّ صرخة.
من حينها كلّما مرَّت نجمةٌ
لوّحَ القاتلُ في عينهِ.
..
مرةً
دون أن يدري كيف
وجدَ نفسَه مجرّد اسمٍ مهملٍ
في ذاكرةٍ غريبة،
مجرّدَ حاجبٍ مريض خلف بابَ الليلِ
يتوسّل شغفاً للحضور،
مجرّد صورةٍ مثبتة على الجدار المسكين للوحدة.
كلَّ يوم يحاول أن يكتب معنى الروح في سطر الجسد،
لكن ما أن يصعد فوق أسطح الكلمات،
لا يرى سوى خيطِ جنونٍ عالقٍ بورقة،
وخيالٍ مجروحٍ
يحاول ولا يستطيع.

***

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *