كثيرا ما نقرأ ونسمع ، بأن بعض الأطراف السياسية ، أو تلك الرديفة لها ، من إنها لا ترغب بانفتاح العراق على محيطه العربي ، ويبدو مثل هؤلاء ، لم يقرأوا التاريخ العراقي في العهود ما قبل الميلاد بخمسة الاف سنة ، ولا الدور العراقي المعاصر ، ففي كل مراحل الحضارات القديمة والمتوسطة والراهنة ، كان للعراق حصة مهمة بل واساسية في تلك الحضارات ، فكيف لهؤلاء محاصرة العراق بالضعف وابعاده عن محيطة العربي والإقليمي والدولي ، فإذا كان هؤلاء يستذكرون على العراق الانفتاح على محيطه العربي ، فماذا يقولون لإيران التي تتوسع في علاقاتها عربيا وشرقا وغربا وهي تعتز من إنها في كل مرحلة تفتح منافذ للعلاقات الدولية ، وهي حريصة ومتشوقة للعلاقات العربية الإيرانية ، فلماذا إذ يستكثرون على العراق علاقاته العربية .
فليعلم السادة هؤلاء جميعا ، بأن نسبة عرب العراق تشكل اكثر من 86 % من مجموع السكان الذي يقدر ب 40 مليونا فكيف يمكن عزل العراق عن محيطه ، مرت ظروف استثنائية على العراق في مرحلتين خلال النظام الدكتاتوري حيث كانت انتقائية العلاقات وتخريب أواصر اللحمة العربية وكذلك في مرحلة الغزو الأمريكي الغربي للعراق عام 2003 ? حيث تم توزيع العراق الى اثنيات وطوائف ومحاصصات ، وساعد في ذلك التدخلات بالشأن العراقي من بعض الأطراف العربية والإقليمية ، وعلى وفق ذلك تدفق الإرهاب على العراق بدفع استعماري وبمساعدة بعض اطراف المنطقة ، ولكن رغم عمليات الضخ الإعلامي ومحاولات اطراف داخلية ودعم خارجي للإرهاب إلا إن النهوض الوطني الشعبي انسجم مع دعوة الجهاد الكفائي التي اطلقها السيد السيستاني بالإضافة الى تفاعل الشعور المتصاعد بأهمية وحدة الموقف الوطني اديا الى القضاء على اخطر هجوم إرهابي خارجي وداخلي تعرض له العراق في تاريخه المعاصر ..
علاقات متوازنة
والان بعد الإنجازات المهمة التي حققها مجلس الوزراء بقيادة السيد الكاظمي ، إذ كان عبر مد الجسور مع المحيط العربي وخلق علاقات متوازنة تخدم المصلحة الوطنية والقومية العراقية ، أو عبر جعل العراق منصة موثوق بها لحلحلة الخلافات بين بعض البلدان العربية أو تلك بين المملكة العربية السعودية وجمهورية ايران الإسلامية ، وموثوقية هذه المنصة العراقية في تقريب وجهات النظر بين طهران والرياض في اعقد القضايا التي عرفت بين البلدين ، يشكل مدى محورية العراق في المنطقة ، وقدرته على ممارسة الحياد الإيجابي القضايا المهمة .
ولم يتوقف العراق عند حدوده العربية والإقليمية ، وإنما توسع للمحيط العالمي لجلب الاستثمارات وتعزيز العلاقات بين مختلف الدول ، وحظي العراق باحترام دول العالم ، وهو الان لو ادركت القوى السياسية المختلفة على المواقع وعلى توصيف النظام ، نقول لو ادركت ذلك لأنجزت تشكيل الحكومة واستفادة من هذه التحولات الإيجابية التي احدثتها حكومة السيد مصطفى الكاظمي بفترة زمنية محدودة .
ليس هناك ضير الاختلاف مع الكاظمي ، أو مع غيره ، ولكن الخطورة عندما يتحول هذا الاختلاف الى عملية اسقاط لكل منجز يتحقق للعراق ، فالوطن العراقي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون محاصراً برغبة هذا أو ذاك فالعراق هو العراق بتاريخه العظيم وشعبه الباسل ، فهو الوطن المجيد الذي لا يقبل الضعف ، ولم ولن يكون محاصرا برغبات هذا الطرف أو تلك الجماعات ، فهو العراق قبلة الاحرار ، وحاضرة الدول بحكم موقعه الجو سياسي .
فلابد من موقع العقلانية والانتماء للعراق ، تعضيد ودعم كل الجهود المخلصة ليكون العراق ضمن محوره العروبي ، وقويا وصديقا للكل الدول المحيطة به وفي مقدمتها ايران ، ومن يعطي الأولوية لأي دولة على حساب أولويات العراق فهو يؤثر بالأساس على حضوره الوطني بين الشعب حاضرا وفي المستقبل ، فتحية لكل جهد من اجل العراق ، ولف تحية للعراق المحوري عربيا وإقليميا ودوليا ..