انتظرتُ طوال الايام القليلة المنصرمة ، مقالة او بحثاً او استذكارا يتناول شخصية الكتبي الشهير نعيم الشطري ، الذي مرت ذكرى وفاته العاشرة الاسبوع الماضي ، دون جدوى … انه الجحود بأعلى صوره .. اليس من حق الشطري على شارع المتنبي ومنتدياته العديدة ومكتباته وباعة الكتب فيه المبادرة الى أحياء ذكرى الرجل الذي عاش في هذا الشارع منذ ان قدم الى بغداد سنة 1963 من مدينة الشطرة ، حتى وفاته في 24 حزيران سنة 2012 .. ما هذا الاهمال الذي لا مبرر له أزاء شخصية عشقت شارع المتنبي للحد الذي اصبح فيه اسما يرمز الى هذا العشق الثقافي ..
لم اجد مسوغا ابدا ، لهذا الجحود ، وقد حيرني فعلا .. كنت اتوقع ان يقوم اصدقاء ومعارف الشطري وهم بالمئات ، بإحياء ذكرى وفاته من خلال اصبوحة استذكاريه مناسبة ، ووضع صوره عند مفترقات الشارع وواجهات دور النشر، وفي فضاءات قيصرية حنش ، ومقهى الشابندر ، ومبنى المركز الثقافي في القشلة ، وان يتحدث من عاصره من زملاءه عن جوانب حياته ، ولاسيما الاشارة الى مزاده الشهير ، وعلاقاته الادبية .. غير ان ذلك التوقع بقى من الامنيات التي خزنها سراب الذاكرة ، والمخيلة ، لكن الشطري ما زال معنا يتجوّل بين ذاكرتنا ، ورؤوس أصابعنا، ويسكن في حدقات عيوننا.. فهو الاسم العصي على النسيان .
اشعر بالاسى ، لواقع النسيان الذي يلف مجتمعنا ، فالكثير من اسماء الرموز تلاشت في مهب الظروف أو أصبحت ضئيلة عاجزة عن إخراج ذاتها.. ويبقى السؤال قائما هل اننا مرضى ، فنسعى الى تحطيم و اهمال الرموز التي تحرك أرواحنا وتغديها بالأمل ؟
لقد نسى شارع المتنبي ان نعيم الشطري يعد من بين أشهر وأقدم الكتبيين فيه وانه تميز وسط الجميع بمزاده العلني الاسبوعي في ايام الجمع من كل اسبوع .. وكانَ واحداً من الطيبينَ الذينَ إذا لمْ يستنشقوا روائح الحبر والورق العتيق فإنَّهم لا يعدُّونَ يومهم يوماً ، والشطري لمْ يتركْ ” جمعة” المتنبي أبداً ، حتى في أسوأ حالات فقدان الأمن ، بلْ هناكَ مَن يؤكِّد أنَّ نعيماً كانَ يتواجد في شارع المتنبي حتى في أيَّام منع التجوال!
لقد اجمع الكل على سلامة طويته ، ونقاء فطرته ، وزكاء نفسه .. انه ابا ربيع نعيم الشطري .. قليلا من الوفاء ، فكلنا راحلون ..