فشلت في التجربة، أو هكذا أقول وقد أكون مخطئا ونادرا ماسيقتنع بماأقول كثير من الناس.
يولد الإنسان حرا، لكنه يختار طريقة يرتاح معها، وتطمئن نفسه به كعبد ذليل لزعيم، أو رئيس، أو سلطان، أو إمبراطور، أو لرجل دين، أو لوزير، أو لوكيل وزير، أو لمستشار وزير، أو لمدير عام، أو لرئيس قسم، أو لبلطجي، أو لتاجر، أو لرجل أعمال أو لمدير دائرة أو شركة، أو صاحب مال، أو زعيم قبيلة، أو لصاحب نفوذ ووجاه ومال، أو لطائفة، أو لقومية، أو لدين، أو لمدينة، أو لقرية، أو لشيء يستلذ معه بالعبودية، ويرفض الحرية.
خلق الله الإنسان حرا، وجعل سر حريته في عبوديته لله، كن عبدا مخلصا لله، نقي السريرة طاهر الوجدان والضمير، تتملكك الرحمة والإنسان حينها ستنطلق في فضاء حريتك، فليس هناك أفضل منك، ولست أفضل من أحد ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (ولقد كرمنا بني آدم فحملناهم في البر والبحر ) وكثير من الآيات تتحدث عن الحرية التي منحت للإنسان بعيدا عن الفوضى.
حريتك لاتعني أن تكون مستقلا عن ولاء وإنتماء. ويمكنك تجاوز هذه الإشكالية من خلال الموضوعية والهدوء، وعدم الإنفعال، ومراجعة نفسك وذاكرتك، في عملك وولائك وعلاقاتك وصلتك بالحاكمين والمتنفذين الذين يظلمون ويتجبرون ويذلون الناس، ورغم ذلك تدافع عنهم، وتبرر لهم، وتقارن بينهم وآخرين ربما كانوا أسوأ منهم، فتخسر علاقتك بالرب لأنه يعلم السرائر، وماتخفي الضمائر، وهو عليم وخبير بأحوال الحاكمين والظالمين، وفي كل زمان ظالم وفاسد ومتجبر، وحتى لو قللت في حجم مايرتكب من فساد وجرائم وإعتقالات تعسفية وإعدامات غير قانونية وباطلة، فإن ذلك لايخفف من تركيز الجريمة ووحشيتها، وكأننا نتسابق لنسابق الظالمين في ظلمهم حتى كأننا نضع أنفسنا في مقدمة الركب الى جهنم، وإليها نتجه مختارين.
اقترح تأسيس كروبات للطائفيين والحزبيين والمنتمين لأحزاب وإتجاهات، وهم مصرون على أن الحقيقة معهم، ثم إنهم لايتحملون بعضهم في الحوار، ويلجأون الى التسقيط والتشهير، بل ويتلذذون بذلك، ويعدونه بطولة مطلقة لفلم سخيف، ولمجرد أن يرضى هذا الزعيم، أو ذاك على حساب الحقيقة والمسؤولية والضمير، ويعملون وفق مبدأ
عين الرضا عن كل عيب كليلة
وعين السخط تبدي المساويا
إخترت أن أكون حزب نفسي، وطائفة نفسي، ودين نفسي، والناس كلهم ابنائي وأهلي، أعاملهم بالرحمة والمودة والعطف والشفقة بحسب إبتلاءاتهم وعذاباتهم، ومايعانون من متاعب، وحين تطمئن نفسي الى إنهم كلهم مسؤوليتي.. قيل إن البشر قد وصلوا الى منتهى الطغيان والجبروت والرذيلة والإنحطاط القيمي والأخلاقي، وأناموا الضمير على سرير الشهوة، ولم يتراحموا، وعاثوا في الأرض فسادا، فنادت الجبال والسماء والبحار والأرضين رب السماء ليطبقوا على البشر كسفا وخسفا وهزات وفيضانات وزلازل وبلاءات. فقال لهم الرب: لو خلقتموهم لرحمتموهم..فإهدأوا لأن من تتقاتلون في سبيلهم، وتتنابزون بالألقاب لاجلهم، وتشتمون، وتسقطون لن يكافئوكم يوم القيامة. فكل نفسا بما كسبت رهينة. ولماذا ترهنون أنفسكم لغيركم، فيستعبدونكم دون أن يشفعوا لكم هناك.