كان العالم دول وشعوب مشغولة في الامس القريب في بناء الدولة المتحضرة القوية على اسس علمية وحضارية رصينة في مختلف المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والصناعية والزراعية والصحية ومجمل الخدمات الاخرى المهمة في حياة الانسان وكل ما يعزز قوة الدولة في بناء هيكليتها التنظيمية المتطورة والاهتمام بالعلاقات بين دول وشعوب العالم على اسس المصالح المتبادلة ومن اجل تحقيق الامن والسلم العالمي وفق المواثيق الدولية-
وبعد التطورالصناعي والتقني وفي مجال التكنولوجية ونقل المعلومات بسهولة وسرعة فائقة فيما حصل في العالم مما احدث نقلة موضوعية فاعلة في المتغيرات الجديدة على مختلف الاصعدة والتنافس الشديد بين الدول المتقدمة علميا وفي مجال الصناعة عامة وعلى المستوى التنافس المطرد في مجال القوة العسكرية وصنوفها المتعددة لغرض بسط الهيمنة على المناطق المهمة في عموم الارض المعمورة لاعتبارها قواعد مهمة لانشطتها المختلفة باي وسيلة كانت يقتضي ذلك – وقد ادى ذلك إلى توجه سياسات الدول الاستراتيجية تحالفات خاصة بينها مبنية على ضوء تلك المتغيرات لحماية امنها ومصالحها الاستراتيجية الشاملة لكثير من الاهداف السياسية والاقتصادية والامنية خاصة فوق كل اعتبار اخروعلى حساب امن واستقرار الدول وحياة الشعوب الاخرى –
ومن مميزات هذه العصر الجديد ان الدول اخذت تهتم بتصنيع الاسلحة الفتاكة على اختلاف انواعها بدلا من تطور التصنيع في مجالات خدمة صحة وحياة الناس وترسيخ قيم السلام والامان واستعملت تلك الاسلحة الفتاكة فعلا في قتل الانسان وتدمير بيوت الناس الابرياء في المناطق التي ترى ان مصالحها فيها اصبحت في خطرلابد من تامين الحماية لها باي وسيلة مهما كانت مشروعة او غير مشروعة بالنسبة لها –
ولم تكن للقيم الاخلاقية والانسانية دور مهم في العلاقات الدولية وما بين الشعوب الا بالقدر البسيط وانما تلعب قيم الربح والتنافس التجاري والصناعي دورا مهما في التقارب السياسي والثقافي ومرهونة بها القضايا الامنية عامة التي تتوقف على متانة حقيقة وضعية وفاعلية تلك المصالح الجارية بينهما –
يمكن ان يسمى هذا العصر عصر المعادي لاستقرار الامن والسلم العالمي والمعادي للحياة للبشرية كما يحدث في الواقع الميداني اليوم من تهديد ورعب وخوف باستعمال اسلوب الارض المحروقة في كل مكان دون تمييز بين مدني وعسكري وبين طفل وكبير ونساء وعجزة من كبار السن وفق لغاياتهم العدوانية الخبيثة والعمل على تحقيق الهيمنة على اغلب تلك المناطق المهمة لاستراتيجيتهم الخاصة باهدافهم المقصودة-
لم تعد الصواريخ الباليستية وغيرها من الاصناف الاخرى بابعادها المختلفة بيد الدول العظمى فقط وانما اصبحت لها مواقع وقواعد ثابتة لها في دول حليفة لها ومنتشرة في اغلب اماكن المناطق الساخنة من الصراعات القائمة في اغلب العربية والدول المحيطة بالمنطقة العربية خصوصا ضمن التحالفات الجارية معها لمواجهة خصومها ان اقتضت الضرورة لذلك- ولها من الخزين من هذه الاسلحة ما يكفي للابادة البشرية واعمال التخريب في حروب قاسية لن ينجوا منها احد –
ومن العجيب ان المسؤولين في هذه الدول وهم يفتخرون بامتلاكهم لهذه الاسلحة الثقيلة الضخمة والمتطورة الفتاكة المدمرة على حساب فقر شعوبهم وعلى عدم الاهتمام بمصير حياتهم المهدد بالفناء وعلى حساب حقوق الناس والشعوب كافة وحقها من العيش بكرامة وامن واستقرار ذلك من اجل مصالحهم واطماعهم في تلك البلدان –
ان مثل هذه الاعمال والمتغيرات التي اتسمت بها الاوضاع العسكرية والسياسية والفكرية المتطرفة في نواياها واهدافها العدوانية في هذه المرحلة من العصر في سياسات اغلب دول العالم والمتميزة
من غير الاهتمام بثوابت الامن والاستقرار المبدئية القائمة على احترام حقوق الانسان وحقوق الشعوب من العيش بامن واطمئنان ومن اي خوف او تهديد او رعب يقلق راحتهم وسكينتهم اينما يكونوا-
وذلك من فبركة المفاهيم والافكاروالادعاءات الكاذبة المضللة بلباس الوطنية المزيفة والدينية المتطرفة والعلمانية المارقة والديمقراطية المخادعة ومن صدى المرجعيات المتخلفة والفاسدة اهين بها المواطن وانتهكت حرماته وحقوقه المشروعة وقتل في وضح النهار وابيدت معالم وجوده الانساني بالاسلحة المدمرة على اختلاف صنوفها هدمت البيوت على رؤس ساكينها وغدوا تحت الانقاض والعالم كله يسمع ويشاهد دول ومنظمات انسانية وهيئات دولية مسؤولة وهي على علم تام بما يجري بادق التفاصيل ولكن لا يوجد هناك حراك جدي لايقاف هذا النزف المستمر وكان الامرلا يعنيهم سوى الاستنكارعنها ليس اكثر وفي حقيقة الامر وعلى هذه الوضعية المتردية انما هم شركاء في هذه الجرائم وذلك عن سكوتهم هذا المطبق رغم هول الخسائر الفادحة بالانفس والاموال والممتلكات بصورة مباشرة وغير مباشرة مع مرتكبي تلك الجرائم—وقد تميزت هذه الحروب والصراعات المحلية والاقليمية في طبيعتها على عدة محاور قائمة في اغلب المناطق الساخنة في المنطقة العربية خاصة وتتمثل تلك المحاوربمحورامريكا وحلفائها ومحورروسيا وحلفائها ومحورالسعودي الخليجي وحلفائه ومحور ايران وحلفائها هما قطبي النزاع في الخليج العربي خاصة والمعارك الدائرة في اليمن وسوريا وكل منهم يبحث عن مبتغاه – وليس لهم ما يتعلق بمصلحة امن الانسان وحياته ومستقبله من شيء يذكر في اي مكان والانسان هو الخاسر الاكبر في كل هذه العمليات من مختلف محاورها ومن نتائج حروب تدور رحاها في الارض العربية غدت ساحة لتصفية حسابات المشتركين فيها من كل حدب وصوب والانسان العربي البريء لا ناقة له بها ولا جمل وتزداد معاناته كل يوم ولا امل يلوح في الافق سوى مزيدا من اراقة الدماء الزكية وستبقى رحى هذه المحاورفي تصعيد الصرعات والمنازعات بين اقطابها وحلفائها في مواجهات ساخنة على مختلف المستويات من انواع الصراعات كانت عسكرية او اقتصادية وسياسية ومذهبية وعنصرية محلية تدور وتسحق وتدمر وتقتل وتخرب كل شيء حي يتعلق بحياة الانسان ولن يتحقق الامن والاستقرار حتى يتغلب منطق العقل والحكمة والمصلحة الوطنية والعدالة الاجتماعية في الاهتمام بحيا ة الانسان قبل كل شيء على اي مصلحة اخرى واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها وحقها في العيش بامن واستقرار وبكرامة من دون التدخل في شؤونها الداخلية من اي ضغط كان داخلي اوخارجي