لذلك لم يمتدّ لي ظلٌّ، ولم تسطع عليّ شمس، وهو شأنُ منْ يولدُ في قاربٍ ، فيسمّي الخراب أباً ،ويسمّي الموجةَ أمّاً جاحدةً، تؤلّبُ عليه الضفاف ، وقد كان لي في التأويل يدٌ طولى، وعقلٌ يضرب بالظنون عرض الحائط ، فلاالخرزةُ الزرقاء بعيونها السبع، ولا النعالُ المقلوب على باب المنزل ، أخرجاني من الوساوس، كنتُ أدندنُ المعاني بفمٍ أدردٍ، فيشيبُ رأسُ أبي، ويستلُّ روحه المتعبة من غلواء الأرض، ويمضي ميتاً سعيداً، لم يخلّف وراءهُ سوى بقرةٍ شقراء، وأرملةٍ ناعمةٍ، وحفنةٍ من صلواتٍ غير مكتملة ، وكنتُ أشتطُّ في اشعال الضحك، حين تعبس أمّي، لكنّها تبخّرتْ من فرطِ التماهي في النحيب .

*****
إنّه خطأكم جميعاً، فقد تركتم العربة تقطع الطريق الطويل دون ماء، وحشدتم فيها كل أخطائكم ،وخطاياكم، وقد تماديتم في حسن الظنّ ، حتى تخيلتموها سفينة نوحٍ، فحملتم فيها من كل زوجين، ما يثقلُ كاهلها ويسلك بها مهاوي البلاد الموحشة .
إنّها خطيئتي ، فلم أكنْ قد عرفتُ لماذا كانت دموعُ الربّان تسيل، كلّما كلّتْ عيناه عن تلمّس بقايا الطريق، ولم يكن بمقدوري النزول وحيداً .

*****
تغيّرتِ العربة ، وتغيّر الطريق ، تغيّرت صورنا في البطاقات الشخصية، وصور حبيباتنا في الأغاني ، والنّائماتُ على سهْوِ أَكتافي سقَطْن جميعهنّ عندما رقصتُ وحدي ،شبيهات الملائكة
اللواتي لمْ يَجدْنَ مايرفَعْنَ إلى اللهِ من ذنوبِ المغَنِّي ،الضحوكات
بأسنانٍ تشبه خزَف السلاطين، الحزينات لموتِ أحمر الشفاه
غريقاً في رشّة مطرٍ عجلى، الراكضات إلى زيفِ المرايا
عند احتضار الضوء ، اللواتي لم يرينَ في سحنتي ماينمّ عن الشغف بقراءة كتابٍ عن بطولة الشوك ، في مزارع المترفين،
الجميلات
،يقطعنَ الليالي بالأسف
وكتابة نعيٍ أبديّ
عن غربة الراعي
في سمفونية النبلاء

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *